{ إذ نادى ربه} ظرف ل{ رحمتِ} .أي رحمة الله إياه في ذلك الوقت ،أو بدل من{ ذكر ،} أي اذكر ذلك الوقت .
والنداء: أصله رفع الصوت بطلب الإقبال .وتقدم عند قوله تعالى:{ ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان} في سورة آل عمران ( 193 ) وقوله:{ ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها} في[ سورة الأعراف: 43] .ويطلق النداء كثيراً على الكلام الذي فيه طلب إقبال الذات لعمل أو إقبال الذهن لوعي كلام ،فلذلك سميت الحروف التي يفتتح بها طلب الإقبال حروف النداء .ويطلق على الدعاء بطلب حاجة وإن لم يكن فيه نداء لأن شأن الدعاء في المتعارف أن يكون جهراً .أي تضرعاً لأنه أوقع في نفس المدعو .ومعنى الكلام: أن زكرياء قال: يا رب ،بصوت خفي .
وإنما كان خفياً لأن زكرياء رأى أنه أدخل في الإخلاص مع رجائه أنّ الله يجيب دعوته لئلا تكون استجابته مما يتحدث به الناس ،فلذلك لم يدعه تضرعاً وإن كان التضرع أعون على صدق التوجه غالباً ،فلعل يقين زكرياء كاف في تقوية التوجه ،فاختار لدعائه السلامة من مخالطة الرياء .ولا منافاة بين كونه نداء وكونه خفياً ،لأنه نداء من يسمع الخفاء .
والمراد بالرحمة: استجابة دعائه ،كما سيصرح به بقوله:{ يا زكرياء إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى}[ مريم: 7] .وإنما حكي في الآية وصف دعاء زكرياء كما وقع فليس فيها إشعار بالثناء على إخفاء الدعاء .