جملة{ وأضلّ فرعونُ قومه} في موضع الحال من الضمير في{ غَشِيَهُمْ} .والإضلال: الإيقاع في الضلال ،وهو خطأ الطريق الموصّل .ويستعمل بكثرة في معنى الجهالة وعَمَل ما فيه ضرّ وهو المراد هنا .والمعنى: أنّ فرعون أوقع قومه في الجهالة وسوء العاقبة بما بثّ فيهم من قلب الحقائق والجهل المركب ،فلم يصادفوا السداد في أعمالهم حتى كانت خاتمتها وقوعهم غرقى في البحر بعناده في تكذيب دعوة موسى عليه السلام .
وعَطْفُ{ وما هدى} على{ أضلّ}: إما من عطف الأعمّ على الأخص لأنّ عدم الهدى يصدق بترك الإرشاد من دون إضلال ؛وإما أن يكون تأكيداً لفظياً بالمرادف مؤكداً لنفي الهدى عن فرعون لقومه فيكون قوله{ وما هدى تأكيداً لأضلّ} بالمرادف كقوله تعالى:{ أموات غير أحياء}[ النحل: 21] وقول الأعشى:
حفاة لا نعال لنا ... » من قوله:
إمّا تَرَيْنَا حُفَاةً لا نِعال لنا *** إنّا كذلكِ ما نحفَى وننتعل
وفي « الكشاف »: إن نكتة ذكر{ وما هدى} التهكم بفرعون في قوله{ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} اهـ .يعني أن في قوله{ وما هدى} تلميحاً إلى قصة قوله المحكي في سورة غافر ( 29 ):{ قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} وما في هذه من قوله{ بطريقتكم المثلى}[ طه: 63] ،أي هي هَدْي ،فيكون من التلميح إلى لفظ وقع في قصة مفضياً إلى التلميح إلى القصة كما في قول مُهلهل:
لو كُشِف المقابر عن كُليب *** فخُبّر بالذّنائب أيُّ زير
يشير إلى قول كُليب له على وجه الملامة: أنتَ زِير نساء .