التفت موسى بتوجيه الخطاب إلى السامريّ الذي كان سبباً في إضلال القوم ،فالجملة ناشئة عن قول القوم{ فكذلك ألقى السامريّ فأخرج لهم عجلاً}[ طه: 88] الخ ،فهي ابتداء خطاب .ولعل موسى لم يغلظ له القول كما أغلظ لهارون لأنه كان جاهلاً بالدّين فلم يكن في ضلاله عجب .ولعل هذا يؤيد ما قيل: إن السامريّ لم يكن من بني إسرائيل ولكنه كان من القِبط أو من كِرمان فاندسّ في بني إسرائيل .ولما كان موسى مبعوثاً لبني إسرائيل خاصة ولفرعون وملئه لأجل إطلاق بني إسرائيل ،كان اتّباع غير الإسرائيليين لشريعة موسى أمراً غير واجب على غير الإسرائيليين ولكنه مرغّب فيه لما فيه من الاهتداء ،فلذلك لم يعنفه موسى لأنّ الأجدر بالتعنيف هم القوم الذين عاهدوا الله على الشريعة .
ومعنى{ ما خطبك} ما طَلبك ،أي ماذا تخطب ،أي تطلب ،فهو مصدر .قال ابن عطية: « وهي كلمة أكثر ما تستعمل في المَكاره ،لأن الخطب هو الشأن المكروه .كقوله تعالى:{ فما خَطبكم أيها المرسلون}[ الذاريات: 31] ،فالمعنى: ما هي مصيبتك التي أصبت بها القوم وما غرضك مما فعلت .