جملة{ قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} مفصولة عن التي قبلها إما لأنها وقعت كالجواب عن قولهم{ حرقوه} فأشبهت جمل المحاورة ،وإما لأنها استئناف عن سؤال ينشأ عن قصة التآمر على الإحراق .وبذلك يتعين تقدير جملة أخرى ،أي فألقَوْه في النار قلنا:{ يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} .وقد أظهر الله ذلك معجزة لإبراهيم إذ وَجّه إلى النار تعلّقَ الإرادة بسلب قوة الإحراق ،وأن تكون برداً وسلاماً إن كان الكلام على الحقيقة ،أو أزال عن مزاج إبراهيم التأثر بحرارة النار إن كان الكلام على التشبيه البليغ ،أي كوني كبرد في عدم تحريق الملقَى فيككِ بحَرّك .
وأما كونها سلاماً فهو حقيقة لا محالة ،وذِكر{ سلاماً} بعد ذكر البرد كالاحتراس لأن البرد مؤذ بدوامه ربما إذا اشتد ،فعُقب ذكره بذكر السلام لذلك .وعن ابن عباس: لو لم يقل ذلك لأهلكته ببَردها .وإنما ذكر{ برداً} ثمّ أتبع ب{ سلاماً} ولم يقتصر على{ برداً} لإظهار عجيب صنع القدرة إذ صيّر النار برداً .
و{ على إبراهيم} يتنازعه{ برداً وسلاماً} .وهو أشد مبالغة في حصول نفعهما له ،ويجوز أن يتعلق بفعل الكون .