الظاهر أن يكون المعطوف موالياً للمعطوف هو عليه ،فيكون قوله{ وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين} متصلاً بقوله:{ ادفع بالتي هي أحسن السيئة}[ المؤمنون: 96] فلما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يفوض جزاءهم إلى ربه أمره بالتعوذ من حيلولة الشياطين دون الدفع بالتي هي أحسن ،أي التعوذ من تحريك الشيطان داعية الغضب والانتقام في نفس النبي صلى الله عليه وسلم فيكون{ الشياطين} مستعملاً في حقيقته .والمراد من همزات الشياطين: تصرفاتهم بتحريك القوى التي في نفس الإنسان ( أي في غير أمور التبليغ ) مثل تحريك القوة الغضبية كما تأول الغزالي في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث"ولكن الله أعانني عليه فأسْلم".ويكون أمر الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بالتعوذ من همزات الشياطين مقتضياً تكفل الله تعالى بالاستجابة كما في قوله تعالى:{ ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا}[ البقرة: 286] ،أو يكون أمره بالتعوذ من همزات الشياطين مراداً به الاستمرار على السلامة منهم .قال في « الشفاء »: الأمة مجتمعة ( أي مجمعة ) على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الشيطان لا في جسمه بأنواع الأذى ،ولا على خاطره بالوساوس .