/م93
97 ،98 - وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ .
الهمزات: الوساوس المغرية بمخالفة ما أمرنا به ،واحدها: همزة ،وأصل الهمز: النخس والدفع بيد أو غيرها ،ومنه: مهماز الرائض ( حديدة توضع في مؤخر الرجل ينخس بها الدابة لتسرع ) .
وقل: يا رب إني ألجأ إليك وأتحصن بك وأتمسك بعنايتك وفضلك من وساوس الشياطين وتزيينهم للشر والمعصية ،وألتجئ إليك وأتمسك بفضلك ورجائك أن تعصمني من حضور الشياطين في أي أمر من أموري ،أو حضورهم سكرات موتي .
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم دائم الذكر لله تعالى ،متذكرا فضله ونعمته في كل أمر من أمور حياته ،فكان يذكر الله عند النوم واليقظة والأكل والجماع والذبح وغير ذلك ،وهذا الذكر لرفع الدرجة ،وزيادة الشكر ،وتعليم الأمة .
وروى أحمد ،وأبو داود ،والترمذي ،والنسائي ،والبيهقي ،عن عمرو بن شعيب ،عن أبيه ،عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: ( بسم الله ،أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ،ومن شر عباده ،ومن همزات الشياطين ،وأن يحضرون )xxvii .
فكان عبد الله بن عمرو يعلمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه ،ومن كان صغيرا لا يعقل أن يحفظها ؛كتبها له ،فلعقها في عنقه .
وأخرج أحمد ،عن الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله ،إني أجد وحشة ،قال: ( إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ،ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ،فإنه لا يحضرك وبالحري لا يضرك )xxviii .
وروى أبو داود ،أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: ( اللهم إني أعوذ بك من الهرم ،وأعوذ بك من الهدم ،ومن الغرق ،وأعوذ بك أن تتخبطني الشياطين عند الموت )xxix .
وفي هذا المعنى علمنا القرآن الالتجاء والتحصن والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في المعوذتين وغيرهما ،مثل قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .( النحل: 98 ) .