تذييل لما مر من الأحكام العظيمة المشتملة على التفضل من الله والرحمة منه ،والمؤذنة بأنه تواب على من تاب من عباده ،والمنبئة بكمال حكمته تعالى إذ وضع الشدة موضعها والرفق موضعه وكف بعض الناس عن بعض فلما دخلت تلك الأحكام تحت كلي هذه الصفات كان ذكر الصفات تذييلاً .
وجواب ( لولا ) محذوف لقصد تهويل مضمونه فيدل تهويله على تفخيم مضمون الشرط الذي كان سبباً في امتناع حصوله .والتقدير: لولا فضل الله عليكم فدفع عنكم أذى بعضكم لبعض بما شرع من الزواجر لتكالبَ بعضكُم على بعض ،ولولا رحمة الله بكم فقدر لكم تخفيضاً مما شرع من الزواجر في حالة الاضطرار والعذر لما استطاع أحد أن يسكت على ما يرى من مثار الغيرة ،فإذا باح بذلك أُخذ بعقاب وإذا انتصف لنفسه أهلك بعضاً أو سكت على ما لا على مثله يغضى ،ولولا أن الله تواب حكيم لما رد على من تاب فأصلح ما سلبه منه من العدالة وقبول الشهادة .
وفي ذكر وصف « الحكيم » هنا مع وصف{ تواب} إشارة إلى أن في هذه التوبة حكمة وهي استصلاح الناس .
وحذف جواب{ لولا} للتفخيم والتعظيم وحذفه طريقة لأهل البلاغة ،وقد تكرر في هذه السورة وهو مثل حذف جواب ( لو ) ،وتقدم حذف جواب ( لو ) عند قوله تعالى:{ ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب} في سورة البقرة ( 165 ) .وجواب ( لولا ) لم يحضرني الآن شاهد لحذفه وقد قال بعض الأئمة: إن ( لولا ) مركبة من ( لو ) و ( لا ) .