يجوز أن يكون عطفاً على جملة{ ثم أعرض عنها}[ السجدة: 22] ،أي: أعرضوا عن سماع الآيات والتدبر فيها وتجاوزوا ذلك إلى التكذيب والتهكم بها .f ومناسبة ذكر ذلك هنا أنه وقع عقب الإشارة إلى دليل وقوع البعث وهو يوم الفصل .ويجوز أن يعطف على جملة{ وقالوا أإذا ضَلَلْنا في الأرض إنّا لفي خلق جديد}[ السجدة: 10] .
والمعنى: أنهم كذبوا بالبعث وما معه من الوعيد في الآخرة وكذّبوا بوعيد عذاب الدنيا الذي منه قوله تعالى:{ ولنُذِيقَنَّهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر}[ السجدة: 21] .
و{ الفتح: النصر والقضاء .والمراد به: نصر أهل الإيمان بظهور فوزهم وخيبة أعدائهم فإن خيبة العدوّ نصر لضِده وكان المسلمون يتحدّون المشركين بأن الله سيفتح بينهم وينصرهم وتظهر حجتهم ،فكان الكافرون يكررون التهكم بالمسلمين بالسؤال عن وقت هذا الفتح استفهاماً مستعملاً في التكذيب حيث لم يحصل المستفهم عنه .وحكاية قولهم بصيغة المضارع لإفادة التعجيب منه كقوله تعالى:{ يجادلنا في قوم لوط}[ هود: 74] مع إفادة تكرر ذلك منهم واتخاذهم إياه .والمعنى: إن كنتم صادقين في أنه واقع فبينوا لنا وقته فإنكم إذ علمتم به دون غيركم فلتعلموا وقته .وهذا من السفسطة الباطلة لأن العلم بالشيء إجمالاً لا يقتضي العلم بتفصيل أحواله حتى ينسب الذي لا يعلم تفصيله إلى الكذب في إجماله .
واسم الإشارة في{ هذا الفتح} مع إمكان الاستغناء عنه بذكر مبينهِ مقصود منه التحقير وقلة الاكتراث به كما في قول قيس بن الخطيم:
متى يأت هذا الموتُ لا يلف حاجة *** لنفسي إلا قَدْ قضيت قضاءها
إنباء بقلة اكتراثه بالموت ومنه قوله تعالى حكاية عنهم:{ أهذا الذي يذكر ءالهتكم}[ الأنبياء: 36] .