والإِشارة في قوله:{ هذا صِراطٌ مستقيم} للعهد المفهوم من فعل{ أعْهَد} أو للمذكور في « تفسيره » من جملتي{ لا تعبدوا الشيطان}{ وأننِ اعْبُدُوني} ،أي هذا المذكور صراط مستقيم ،أي كالطريق القويم في الإِبلاغ إلى المقصود .والتنوين للتعظيم .
وقوله تعالى:{ ولقد أضَلَّ مِنكم جِبِلاً كثيراً} عطف على{ إنَّهُ لكم عدوٌّ مبين} فعداوته واضحة بدليل التجربة فكانت علة للنهي عن عبادة ما يأمرهم بعبادتهم .
والمعنى: إن عداوته واضحة وضوح الصراط المستقيم لأنها تقررت بين الناس وشهدت بها العصور والأجيال فإنه لم يزل يُضلّ الناس إضلالاً تواتر أمره وتعذر إنكاره .
والجِبِلّ: بكسر الجيم وكسر الموحدة وتشديد اللام كما قرأه نافع وعاصم وأبو جعفر .وقرأه ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب بضم الجيم وضم الباء الموحدة وتخفيف اللام .وقرأه ابن عامر وأبو بكر بضم الجيم وسكون الباء .
والجبلّ: الجمع العظيم ،وهو مشتق من الجَبْل بسكون الباء بمعنى الخلق .وفرع عليه توبيخهم بقلة العقول بقوله:{ أفَلَم تكونوا تَعْقِلونَ} ،فالاستفهام إنكاري عن عدم كونهم يعقلون ،أي يدركون ،إذ لو كانوا يعقلون لتفطنوا إلى إيقاع الشيطان بهم في مهاوي الهلاك .وزيادة فعل الكون للإِيماء إلى أن العقل لم يتكون فيهم ولا هم كائنون به .