وللتعريف بهذا العدو القديم أكثر فأكثر يضيف تعالى: ( ولقد أضلّ منكم جبلاّ كثيراً أفلم تكونوا تعقلون ) .
ألا ترون ماذا أحلّ بأتباعه من المصائب .
ألم تطالعوا تأريخ من سبقكم لتروا بأعينكم أي مصير مشؤوم وصل إليه من عبد الشيطان ؟آثار مدنهم المدمّرة أمام أعينكم ،والعاقبة المؤلمة التي وصلوا إليها واضحة لكل من يمتلك القليل من التعقّل والتفكّر .
إذن لماذا أنتم غير جادّين في معاداة من أثبت أنّه عدو لكم مرّات ومرّات ؟ولا زلتم تتّخذونه صديقاً بل قائداً ووليّاً وإماماً !!
«الجبلّ » الجماعة تشبيهاً بالجبل في العِظم ( كما يقول الراغب في مفرداته ) .
و «كثيراً » للتأكيد على كثرة من اتّبع الشيطان من كافّة المستويات الاجتماعية في كلّ مجتمع .
ذكر بعضهم أنّ «الجبلّ » بحدود عشرة آلاف نفر ،أو أكثر ،وما دون ذلكلايكون جبلاًّ{[3709]} ،ولكن البعض الآخر لم يلتزم بتلك الأرقام{[3710]} .
وعلى كلّ حال ،فإنّ العقل السليم يوجب على الإنسان أن يحذر بشدّة من عدوٍّ خطر كهذا ،لا يتورّع عن أي شيء ،ولا يرحم أي إنسان أبداً ،وقرابينه في كلّ زاوية ومكان هلكى صرعى ،فلا ينبغي له أن يغفل عنه طرفة عين أبداً ،ولنقرأ ما يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام:
«فاحذرواعباد اللهعدوّ الله ،أن يعديكم بدائه ،وأن يستفزّكم بندائه ،وأن يجلب عليكم بخيله ورجله ،فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد ،وأغرق إليكم بالنزع الشديد ،ورماكم من مكان قريب ،فقال: ربّ بما أغويتني لاُزينّن لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين »{[3711]} .