فاء{ فأصابهم سيئات ما كسبوا} مفرِّعة على جملة{ ما أغنى عنهم} ،أي تسبب على انتفاء إِغناء الكسب عنهم حلولُ العقاب بهم .وكان مقتضى الظاهر في ترتيب الجمل أن تكون جملة{ فأصابهم سيئات ما كسبوا} مقدّمة على جملة{ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون} ،لأن الإِغناء إنما يترقب عند حلول الضير بهم فإذا تقرر عدم الإِغناء يذكر بعده حلول المصيبة ،فعُكس الترتيب على خلاف مقتضى الظاهر لقصد التعجيل بإبطال مقالة قائلهم{ إنما أوتيتُه على علم}[ الزمر: 49] ،أي لو كان لعلمهم أثر في جلب النعمة لهم لكان له أثر في دفع الضر عنهم .
والإِشارة{ بهؤلاء} إلى المشركين من أهل مكة وقد بيّنا غير مرة أننا اهتدينا إلى كشف عادة من عادات القرآن إذا ذكرت فيه هذه الإِشارة أن يَكون المراد بها المشركون من قريش .وإصابة السيئات مراد بها في الموضعين إصابة جزاء السيئات وهو عقاب الدنيا وعقاب الآخرة لأن جزاء السيئة سيئة مثلها .
والمعجِز: الغالب ،وتقدم عند قوله تعالى:{ إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين} في سورة[ الأنعام: 134] ،أي ما هم بمعجزينا ،فحذف مفعول اسم الفاعل لدلالة القرينة عليه .