والهُدى الذي أوتيه موسى هو ما أوحي إليه من الأمر بالدعوة إلى الدين الحق ،أي الرسالة وما أنزل إليه من الشريعة وهي المراد بالكتاب ،أي التوراة ،وهو الذي أورثه الله بني إسرائيل ،أي جعله باقياً فيهم بعد موسى عليه السلام فهم ورثوه عن موسى ،أي أخذوه منه في حياته وأبقاه الله لهم بعد وفاته ،فإطلاق الإِيراث استعارة .وفي ذلك إيذان بأن الكتاب من جملة الهدى الذي أوتيه موسى ،قال تعالى:{ إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور}[ المائدة: 44] ،ففي الكلام إيجاز حذف تقديره: ولقد آتينا موسى الهدى والكتابَ وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ،فإن موسى أُوتى من الهدى ما لم يرثه بنو إسرائيل وهو الرسالة وأوتي من الهدى ما أُورثه بنو إسرائيل وهو الشريعة التي في التوراة .
و{ هُدىً} و{ ذِكْرَى} حالان من{ الكتاب ،} أي هدى لبني إسرائيل وذكرى لهم ،ففيه علم ما لم يعلمه المتعلمون ،وفيه ذكرى لما علمه أهل العلم منهم ،وتشمل الذكرى استنباط الأحكام من نصوص الكتاب وهو الذي يختص بالعلماء منهم من أنبيائهم وقضاتهم وأحبارهم ،فيكون{ لأُوْلِي الألباب} متعلقاً ب{ ذكرى} .
وأولو الألباب: أولو العقول الراجحة القادرة على الاستنباط .