افتتح الكلام باسم نكرة لما في التنكير من التعظيم .والوجه أن يكون{ تَنزِيلٌ} مبتدأ سَوَّغ الابتداء به ما في التنكير من معنى التعظيم فكانت بذلك كالموصوفة وقوله:{ مِنَ الرحمن الرَّحِيم} خبر عنه .وقوله:{ كتاب} بَدل من تنزيل فحصل من المعنى: أن التنزيل من الله كتاب ،وأن صفته فُصّلت آياته ،موسوماً بكونه قرآناً عربياً ،فحصل من هذا الأسلوب أن القرآن منزَّل من الرحمان الرحيم مفصلاً عربياً .ولك أن تجعل قوله: مِنَ الرحمن الرَّحِيم} في موضع الصفة للمبتدأ وتجعل قوله:{ كتاب} خبرَ المبتدأ ،وعلى كلا التقديرين هو أسلوب فخم وقد مَضى مثله في قوله تعالى:{ آلمص كتاب أنزل إليك}[ الأعراف: 1 ،2] .
والمراد: أنه منزَّل ،فالمصدر بمعنى المفعول كقوله:{ وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين}[ الشعراء: 192 ،193] وهو مبالغة في كونه فَعَل الله تنزيله ،تحقيقاً لكونه موحى به وليس منقولاً من صحف الأولين .وتنكير{ تنزيل وكتاب لإِفادة التعظيم .