عطف على جملة{ فمن يملك لكم من الله شيئاً}[ الفتح: 11] فهو من أجزاء القول ،وهذا انتقال من التخويف الذي أوهمه{ فمن يملك لكم من الله شيئا} إلى إطماعهم بالمغفرة التي سألوها ،ولذلك قدم الضر على النفع في الآية الأولى فقيل{ إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا}[ الفتح: 11] ليكون احتمال إرادة الضر بهم أسبق في نفوسهم .
وقدمت المغفرة هنا بقوله:{ يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} ليتقرر معنى الإطماع في نفوسهم فيبتدروا إلى استدراك ما فاتهم .وهذا تمهيد لوعدهم الآتي في قوله:{ قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد} إلى قوله:{ فإن تطيعوا يؤتكم الله أجراً حسناً}[ الفتح: 16] .
وزاد رجاءَ المغفرة تأكيداً بقوله:{ وكان الله غفوراً رحيماً} أي الرحمة والمغفرة أقرب من العقاب ،وللأمرين مواضع ومراتب في القرب والبعد ،والنوايا والعوارض ،وقيمة الحسنات والسيئات ،قد أحاط الله بها وقدرها تقديراً .
ولفظ{ من يشاء} في الموضعين إجمال للمشيئة وأسبابها وقد بينت غير مرة في تضاعيف القرآن والسنة ومن ذلك قوله:{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}[ النساء: 48] .