أمّا جعلهم قردة وخنازير فقد تقدّم القول في حقيقته في سورة البقرة .وأمّا كونهم عبدوا الطاغوت فهو إذ عبدوا الأصنام بعد أن كانوا أهل توحيد فمن ذلك عبادتهم العِجل .
والطاغوت: الأصنام ،وتقدّم عند قوله تعالى:{ يؤمنون بالجبت والطاغوت} في سورة النّساء ( 51 ) .
وقرأ الجمهور{ وعبدَ الطاغوتَ} بصيغة فعل المضيّ في{ عبد} وبفتح التّاء من{ الطاغوت} على أنّه مفعول{ عبد} ،وهو معطوف على الصّلة في قوله{ من لَعنهُ الله} ،أي ومن عبدوا الطاغوت .وقرأه حمزة وحْده بفتح العين وضمّ الموحّدة وفتح الدّال وبكسر الفوقيّة من كلمة الطاغوت على أن « عَبُد » جمع عَبْد ،وهو جمع سماعي قليل ،وهو على هذه القراءة معطوف على{ القردة والخنازير} .
والمقصود من ذكر ذلك هنا تعيير اليهود المجادلين للمسلمين بمساوي أسلافهم إبكاتاً لهم عن التطاول .على أنّه إذا كانت تلك شنشنتهم أزمانَ قيام الرسل والنبيئين بين ظهرانَيْهم فهم فيما بعد ذلك أسوأ حالاً وأجدر بكونهم شرّاً ،فيكون الكلام من ذمّ القبيل كلّه .على أنّ كثيراً من موجبات اللّعنة والغضب والمسخ قد ارتكبتها الأخلاف ،على أنّهم شتموا المسلمين بما زعموا أنّه دينهم فيحقّ شتمهم بما نعتقده فيهم .