المفردات:
الطاغوت: رأس الضلال .وقيل: الشيطان ،أو كل معبود من دون الله .
مثوبة: المثوبة والثواب ؛الجزاء على الأعمال خيرها ،وشرها ، وكثر استعماله في الخير .
التفسير:
60- قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ .. الآية .
بين سبحانه لرسوله أن هناك قوما فيهم من العيب ما هو أولى بالعيب ،وهو ما هم عليه من الكفر الموجب للعن الله وغضبه ومسخه{[279]} .
والمعنى:
قل لهم يا محمد على سبيل التبكيت والتنبيه على ضلالهم: هل أخبركم أيها اليهود ،بمن هم شر وأسوأ من أهل ذلك الدين عقوبة عند الله يوم القيامة ؟!
هم أولئك الذين طردهم الله من رحمته ،وأبعدهم عن رضوانه وحل عليهم سخطه ،وهم:
مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ .أي: وجعل منهم من يشبه القردة في التقليد الأعمى ، والخنازير في الانغماس في كل ما هو قذر .
وكذلك جعل منهم الذين عبدوا الكهنة ورؤساء الضلال .
وفي المراد بالطاغوت هنا قولان:
أحدهما: الأصنام .
والثاني: الشيطان .
وفي القرطبي وابن كثير ،وابن الجوزي عشرون قراءة في كلمة وعبد الطاغوت وفيها وجهان .أحدهما: أن المعنى: وجعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت .
والثاني: أن المعنى: من لعنه الله وعبد الطاغوت .أي: خدم الطاغوت وأطاع الظلم والباطل والفساد .والآية وردت على سبيل المشاكلة والمجاورة لتفكير اليهود الفاسد وزعمهم الباطل .
فكأنه سبحانه يقول لنبيه:
إن هؤلاء يا محمد ينكرون عليكم إيمانكم بالله وبالكتب السماوية ويعتبرون ذلك شرا ،قل لهم: لئن كنتم تعيبون علينا إيماننا وتعتبرونه شرا لا خير فيه فشر منه عاقبة ومآلا ما انتم عليه من لعن وطرد من رحمة الله ،وما أصاب أسلافهم من مسخ بعضهم قردة ،وبعضهم خنازير .وما عرف عنكم من عبادة لغير الله ..وشبيه بهذه الآية في مجاراة الخصمقوله تعالى: وَإِنَّا وْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ . ( سبأ: 24 )
أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً .أي: هؤلاء الموغلون في الاتصاف بتلك القبائح والخبائث التي أوقعتهم في سوء المصير .هم في شر المكانة وأحط المقام في الدنيا والآخرة .
وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ .أي: وهم أكثر ضلالا عن طريق الحق المستقيم من سواهم ،فهم في الدنيا يشركون بالله وينتهكون محارمه وفي الآخرة مأواهم النار وبئس القرار .