وجملة{ ونبئهم أن الماء قسمة بينهم} معطوفة على جملة{ إنا مرسلوا الناقة} باعتبار أن الوعد بخلق آية الناقة يقتضي كلاماً محذوفاً ،تقديره: فأرسلنا لهم الناقة وقلنا نبئهم أن الماء قسمة بينهم على طريقة العطف والحذف في قوله:{ فأوحينا إلى موسى أن أضرب بعصاك البحر فانفلق}[ الشعراء: 63] ،وإن كان حرف العطف مختلفاً ،ومثل هذا الحذف كثير في إيجاز القرآن .
والتعريف في{ الماء} للعهد ،أي ماء القرية الذي يستقون منه ،فإن لكل محلة ينزلها قوم ماءً لسقياهم وقال تعالى:{ ولما ورد ماء مدين}[ القصص: 23] .
وأخبر عن الماء بأنه{ قسمة} .والمراد مقسوم فهو من الإِخبار بالمصدر للتأكيد والمبالغة .
وضمير{ بينهم} عائد إلى معلوم من المقام بعد ذكر الماء إذ من المتعارف أن الماء يستقي منه أهل القرية لأنفسهم وماشيتهم ،ولما ذكرت الناقة عُلم أنها لا تستغني عن الشرب فغلّب ضمير العقلاء على ضمير الناقة الواحدة وإذ لم يكن للناقة مالك خاص أمر الله لها بنوبة في الماء .وقد جاء في آية سورة الشعراء ( 155 ){ قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} وهذا مبدأ الفتنة ،فقد روي أن الناقة كانت في يوم شربها تشرب ماء البئر كله فشحّوا بذلك وأضمروا حَلْدَها عن الماء فأبلغهم صالح إن الله ينهاهم عن أن يمسوها بسوء .
والمحْتضر بفتح الضاد اسم مفعول من الحضور وهو ضد الغيبة .والمعنى: محتضر عنده فحذف المتعلققِ لظهوره .وهذا من جملة ما أُمر رسولهم بأن ينبئهم به ،أي لا يحضُر القوم في يوم شِرب الناقة ،وهي بإلهاممِ الله لا تحضر في أيام شرب القوم .والشِّرب بكسر الشين: نوبة الاستقاء من الماء .