{ أم} إضراب انتقالي ثالث إلى إبطال مستند آخر مفروض لهم في سند قولهم: إِنا نعْطَى مثل ما يُعطَى المسلمون أو خيراً مما يُعطونه ،وهو أن يُفرض أن أصنامهم تنصرهم وتجعل لهم حَظاً من جزاء الخير في الآخرة .
والمعنى: بل أثبتت لهم ،أي لأجلهم ونفعهم شركاءُ ،أي شركاء لنا في الإلهية في زعمهم ،فحذف متعلق{ شركاء} لشهرته عندهم فصار شركاء بمنزلة اللقب ،أي أم آلهتهم لهم فليأتوا بهم لينفعوهم يوم القيامة .
واللام في{ لهم} لام الأجل ،أي لأجلهم بتقدير مضاف ،أي لأجل نصرهم ،فاللام كاللام في قول أبي سفيان يوم أحد « لنا العزى ولا عزى لكم » .
وتنكير{ شركاء} في حيز الاستفهام المستعمل في الإِنكار يفيد انتفاء أن يكون أحد من الشركاء ،أي الأصنام لهم ،أي لنفعهم فيعم أصنام جميع قبائل العرب المشترك في عبادتها بين القبائل ،والمخصوصةَ ببعض القبائل .
وقد نقل أسلوب الكلام من الخطاب إلى الغيبة لمناسبة وقوعه بعد{ سلْهُم أيهم بذلك زعيم}[ القلم: 40] ،لأن أخص الناس بمعرفة أحقّية هذا الإِبطال هو النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يستتبع توجيهَ هذا الإِبطال إليهم بطريقة التعريض .
والتفريع في قوله:{ فليأتوا بشركائهم} تفريع على نفي أن تنفعهم آلهتهم ،فتعين أن أمر{ فليأتوا} أمر تعجيز .
وإضافة{ شركاء} إلى ضميرهم في قوله:{ فليأتوا بشركائهم} لإِبطال صفة الشركة في الإلهية عنهم ،أي ليسوا شركاء في الإلهية إلاّ عند هؤلاء فإن الإلهية الحق لا تكون نسبية بالنسبة إلى فريق أو قبيلة .
ومثل هذا الإِطلاق كثير في القرآن ومنه قوله:{ قل ادعوا شركاءكم ثم كِيدُون فلا تُنظرون}[ الأعراف: 195] .