عَطْف على{ فغُلبوا وانقَلبوا}[ الأعراف: 119] ،فهو في حيز فاء التعقيب ،أي: حصل ذلك كله عقب تلقف العصا ما يأفكون ،أي: بدون مهلة ،وتعقيب كل شيء بحسبه ،فسجود السحرة متأخر عن مصيرهم صاغرين ،ولكنه متأخر بزمن قليل وهو زمن انقداح الدليل على صدق موسى في نفوسهم ،فإنهم كانوا أعلم الناس بالسحر فلا يخفى عليهم ما هو خارج عن الأعمال السحرية ،ولذلك لما رأوا تلقف عصا موسى لحبالهم وعصيهم جزموا بأن ذلك خارج عن طوق الساحر ،فعلموا أنه تأييد من الله لموسى وأيقنوا أن ما دعاهم إليه موسى حق ،فلذلك سجدوا ،وكان هذا خاصاً بهم دون بقية الحاضرين ،فلذلك جيء بالاسم الظاهر دون الضمير لئلا يلتبس بالضمير الذي قبله الذي هو شامل للسحرة وغيرهم .
والإلقاء: مستعمل في سرعة الهُوِي إلى الأرض ،أي: لم يتمالكوا أن سجدوا بدون تريث ولا تردد .
وبُني فعل الإلقاء للمجهول لظهور الفاعل ،وهو أنفسُهم ،والتقدير: وألقَوْا أنفسهم على الأرض .
و{ ساجدين} حال ،والسجود هيئة خاصة لإلقاء المرء نفسه على الأرض يقصد منها الإفراط في التعظيم ،وسجودهم كان لله الذي عرفوه حينئذٍ بظهور معجزة موسى عليه السلام والداعي إليه بعنوان كونه رب العالمين .