{ وألقي السّحرة ساجدين} فسره في الكشاف بقوله:وخروا سجدا كأنما ألقاهم ملق لشدة خرورهم ، وقيل لم يتمالكوا مما رأوا فكأنهم ألقوا اه .والمراد أن ظهور بطلان سحرهم وإدراكهم فجأة لحقيقة آية موسى عليه السلام وعلمهم بأنها من عند الله تعالى لا صنع فيها لمخلوق قد ملأت عقولهم يقينا وقلوبهم إيمانا فكان هذا اليقين في الإيمان البرهاني الكامل ، والوجداني الحاكم على الأعضاء والجوارح ، هو الذي ألقاهم على وجوههم سجدا لله رب العالمين ، الذي بيده ملكوت الخلق أجمعين ، ولم يبق في أنفسهم أدنى مكان لفرعون وعظمته الدنيوية الزائلة ، ولاسيما وقد ظهر لهم صغاره أمام هذه الآية .وفي آية سورة طه{ فألقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى} [ طه:70] فالفاء تدل على التعقيب ومثلها في سورة الشعراء .
فإن قيل:ولم قال هنا ( وألقي ) ولم يقل"فألقي "ليدل على التعقيب أيضا فالجواب:أن ألقي هنا عطف على قوله تعالى:{ فغلبوا} فهو يشاركه بما تفيده فاؤه من معنى التعقيب وكونه مثله أثرا لبطلان سحر السحرة ووقوع الحق بثبوت آية موسى عليه السلام ، ولو عطف عليه بالفاء لدل على كون السجود أثرا للغلب والصغار لا لظهور الحق وبطلان كيد السحر ، وحينئذ يكون منافيا لما في سورتي طه والشعراء .