وقوله:{ إلاّ بلاغاً من الله ورسالاته} استثناء منقطع من{ ضرَّاً} و{ رشداً} ،وليس متصلاً لأن الضر والرشد المنفيين في قوله:{ لا أملك لكم ضراً ولا رشداً} هما الضر والرشد الواقعان في النفس بالإلجاء .
ويجوز أن يكون مع ذلك استثناء من{ ملتحداً} ،أي بتأويل{ ملتحداً} بمعنى مخلص أو مأمن .
وهذا الاستثناء من أسلوب تأكيد الشيء بما يشبه ضده .
والبلاغ: اسم مصدر بلغ ،أي أوصل الحديث أو الكلام ،ويطلق على الكلام المبلغ من إطلاق المصدر على المفعول مثل{ هذا خلق الله}[ لقمان: 11] .
و{ مِن} ابتدائية صفة ( بلاغ ) ،أي بلاغاً كائناً من جانب الله ،أي إلاّ كلاماً أبلغه من القرآن الموحى من الله .
و{ رسالاته}: جمع رسالة ،وهي ما يرسل من كلام أو كتاب فالرسالات بلاغ خاص بألفاظ مخصوصة ،فالمراد منها هنا تبليغ القرآن .
لما كان قوله:{ قال إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً}[ الجن: 20] إلى هنا كلاماً متضمناً أنهم أشركوا وعاندوا الرسول صلى الله عليه وسلم حينَ دعاهم إلى التوحيد واقترحوا عليه ما توهموه تعجيزاً له من ضروب الاقتراح ،أعقب ذلك بتهديدهم ووعيدهم بأنهم إن داموا على عصيان الله ورسوله سيلقون نار جهنم لأن كل من يعصي الله ورسوله كانت له نار جهنم .
و{ مَن} شرطية وجواب الشرط قوله:{ فإن له نار جهنم .