وقولُه:{ من خاف مقام ربه} مقابل قوله:{ من طغى} لأن الخوف ضد الطغيان وقوله:{ نهى النفس عن الهوى} مقابل قوله:{ وآثر الحياة الدنيا} .
ونهى الخائف نفسه مستعار للانكفاف عن تناول ما تحبه النفس من المعاصي والهوى ،فجعلت نفس الإِنسان بمنزلة شخص آخر يدعوه إلى السيئات وهو ينهاه عن هذه الدعوة ،وهذا يشبه ما يسمى بالتجريد ،يقولون: قالت له نفسه كذا فعصاها ،ويقال: نهى قَلْبَه ،ومن أحسن ما قيل في ذلك قول عروة بن أذيْنة:
وإذا وجَدْت لها وسَاوس سَلْوة *** شفَع الفُؤاد إلى الضمير فسلها
والمراد ب{ الهوى} ما تهواه النفس فهو مصدر بمعنى المفعول مثل الخلق بمعنى المخلوق ،فهو ما ترغب فيه قوى النفس الشهوية والغضبية مما يخالف الحق والنفعَ الكامل .وشاع الهوى في المرغوب الذميم ولذلك قيل في قوله تعالى:{ ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من اللَّه}[ القصص: 50] أن{ بغير هدى} حال فمؤكدة ليست تقييداً إذ لا يكون الهوى إلا بغير هدى .
وتعريف{ الهوى} تعريف الجنس .