هذه الجملة إمّا استئنافٌ بياني ناشيء عن قوله:{ إن المنافقين هم الفاسقون}[ التوبة: 67] ،وإمّا مبيِّنَةٌ لجملة{ فنسيهم}[ التوبة: 67] لأنّ الخلود في جهنم واللعنَ بَيَان للمرادِ من نسيان الله إيّاهم .
والوعد أعمّ من الوعيد ،فهو يطلق على الإخبار بالتزام المخبِر للمخبَر بشيء في المستقبل نافع أو ضار أو لا نفع فيه ولا ضرّ{ هذا ما وعد الرحمن}[ يس: 52] .والوعيد خاصّ بالضارّ .
وفعل المضي هنا: إمّا للإخبار عن وعيد تقدّم وعَدَه الله المنافقين والمنافقات تذكيراً به لزيادة تحقيقه وإمّا لصوغ الوعيد في الصيغة التي تنشأ بها العُقود مثل ( بعت ووهبت ) إشعاراً بأنّه وعيد لا يتخلّف مثل العقد والالتزام .
والإظهار في مقام الإضمار لتقرير المحكوم عليه في ذهن السامع حتى يتمكّن اتّصافهم بالحكم .
وزيادة ذِكر{ الكفار} هنا للدلالة على أنّ المنافقين ليسوا بأهون حالاً من المشركين إذ قد جمع الكفر الفريقين .
ومعنى{ هي حسبهم} أنّها ملازمة لهم .وأصل حَسْب أنّه بمعنى الكافي ،ولمَّا كان الكافي يلازمه المكفي كني به هنا عن الملازمة ،ويجوز أن يكون{ حسب} على أصله ويكون ذكره في هذا المقام تهكماً بهم ،كأنّهم طلبوا النعيم ،فقيل: حسبهم نار جهنم .
واللعن: الإبعاد عن الرحمة والتحقير والغضب .
والعذاب المقيم: إن كان المراد به عذاب جهنّم فهو تأكيد لقوله:{ خالدين فيها هي حسبهم} لدفع احتمال إطلاق الخلود على طول المدّة ،وتأكيد للكناية في قوله:{ هي حسبهم} وإن كان المراد به عذاباً آخر تعيّن أنّه عذاب في الدنيا وهي عذاب الخزي والمذلّة بين الناس .
وفي هذه الآية زيادة تقرير لاستحقاق المنافقين العذاب ،وأنّهم الطائفة التي تعذب إذا بقُوا على نفاقهم ،فتعيّن أنّ الطائفة المعفو عنها هم الذين يؤمنون منهم .