وقد ذكر الله تعالى عذابهم ، فقال تعالى في كتابه العزيز:{ وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم68} .
هذا وعيد الله تعالى للمنافقين والمنافقات ، ويلاحظ هنا أنه أظهر في موضع الإضمار ، فذكرهم بأوصافهم للدلالة على أن النفاق هو السبب في هذا العقاب الشديد ، ونص على النساء المنافقات ؛ لأنهن يكون الأسرة التي يعشش فيها ، ويشتركن في إيجاد البيئة المنافقة التي يسودها الفساد ويحكمها الشر ، وقد ذكر الكفار بعد المنافقين ، وهم المنافقون داخلون في الكفر ؛ لأنهم كفار يزيدون النفاق ، ولذا قدموا لأنهم أوغلوا الكفر ، والكافر الضال مظنة التوبة كما تاب الطلقاء وأبناء الطلقاء ، وأما المنافق فإنه ملتوي النفس ملتوى الفكر ، وقد يكون الكفار سبب كفرهم عصبية جاهلية ، أما المنافقون فسبب كفرهم مع هذا الانحياز الذي يشبه الانحياز العصبي فإنه يوجد في رؤوسهم ضلال في الفكر والتواء في القصد .
وذكر سبحانه الموعود فقال:{ نار جهنم خالدين فيها} .
ذكر ثلاثة أولها نار جهنم ، يلقون فيها وهي تتسع لهم جهنم{ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم44} ( الحجر ) ، وهي مراتب ودركات ،{ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار . . .145}( النساء ) ، فهم أشد الكفار عقابا ، وأعظمهم عذابا .
ويقول سبحانه:{ هي حسبهم} ، هي الكافية ، وهذا يدل على هولها ، وشدتها ، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ، وهي عقاب مادى .
والنوع الثاني:عقاب معنوي ، وهو الطرد والإبعاد المعنوي ، وعبر عنه سبحانه وتعالى بقوله:{ ولعنهم} أي طردهم من رحمته ، وأبعدهم عنه سبحانه لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزيكهم .
الثالث:عبر عنه بقوله تعالى:{ ولهم عذاب مقيم} أي مستمر دائم ، وعطفه على هذين السابقين دليل على أنه غيرهما ؛ لأن العطف يقتضي المغايرة ، ولم يعين سبحانه نوعه ، ولكنه أخبر به فيجب علينا أن نصدقه .