وجملة:{ أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى} إلى آخرها هي المقصود من الردع الذي أفاده حرف{ كلاّ} ،فهذه الجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً متصلاً باستئناف جملة:{ إن الإنسان ليطغى} .
و{ الذي ينهى} اتفقوا على أنه أريد به أبو جهل إذ قال قولاً يريد به نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في المسجد الحرام فقال في ناديه: لئن رأيت محمداً يصلي في الكعبة لأطَأنَّ على عنقه .فإنه أراد بقوله ذلك أن يبلُغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهو تهديد يتضمن النهي عن أن يصلي في المسجد الحرام ولم يروَ أنه نهاه مشافهة .
و{ أرأيت} كلمة تعجيب من حاللٍ ،تُقال للذي يُعْلَم أنه رأى حالاً عجيبة .والرؤية علمية ،أي أعلمت الذي ينهى عبداً والمستفهم عنه هو ذلك العلم ،والمفعول الثاني ل« رأيت » محذوف دل عليه قوله في آخر الجمل{ ألم يعلم بأن الله يرى}[ العلق: 14] .
والاستفهام مستعمل في التعجيب لأن الحالة العجيبة من شأنها أن يستفهم عن وقوعها استفهام تحقيق وتثبيت لِنَبئها إذ لا يكاد يصدق به ،فاستعمال الاستفهام في التعجيب مجاز مرسل في التركيب .ومجيء الاستفهام في التعجيب كثير نحو{ هل أتاك حديث الغاشية}[ الغاشية: 1] .
والرؤية علمية ،والمعنى: أعجب ما حصل لك من العلم قال الذي ينهى عبداً إذا صلى .ويجوز أن تكون الرؤية بصرية لأنها حكاية أمر وقع في الخارج والخطاب في{ أرأيت} لغير معيّن .
والمراد بالعبد النبي صلى الله عليه وسلم وإطلاق العبد هنا على معنى الواحد من عباد الله أيّ شَخْصٍ كما في قوله تعالى:{ بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد}[ الإسراء: 5] ،أي رجالاً .