وأما «المرض »:فقال تعالى:{ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا} [ البقرة:10] .
وقال:{ فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} [ الأحزاب:32] .
وقال:{ ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا} [ المدثر:31] .
ومرض القلب:خروجه عن صحته واعتداله . فإن صحته أن يكون عارفا بالحق محبا له ، مؤثرا له على غيره ، فمرضه إما بالشك فيه ، وإما بإيثار غيره عليه .
فمرض المنافقين:مرض شك وريب ، ومرض العصاة:مرض غي وشهوة .
وقد سمى الله سبحانه كلا منهما مرضا .
قال ابن الأنباري:أصل المرض في اللغة:الفساد ، مرض فلان:فسد جسمه ، وتغيرت حاله ، ومرضت بالمرض:تغيرت وفسدت ، قالت ليلى الأخيلية:
إذا هبط الحجاج أرضا مريضة *** تتبع أقصى دائها فشفاها
وقال آخر:
ألم تر أن الأرض أضحت مريضة *** لفقد الحسين ، والبلاد اقشعرت
والمرض يدور على أربعة أشياء:فساد ، وضعف ، ونقصان ، وظلمة . ومنه «مرض الرجل في الأمر » ، إذا ضعف فيه ، ولم يبالغ ، و«عين مريضة النظر »:أي فاترة ضعيفة . و«ريح مريضة »:إذا هب هبوبها ، كما قال:
راحت لأربعك الرياح مريضة *** . . .
أي لينة ضعيفة ، حتى لا يعفى أثرها .
وقال ابن الأعرابي:أصل المرض النقصان . ومنه:«بدن مريض » ، أي ناقص القوة ، و«قلب مريض »:ناقص الدين ، و«مرض في حاجتي »:إذا نقصت حركته .
وقال الأزهري ، عن المنذري عن بعض أصحابه:المرض:إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها ، قال:والمرض:الظلمة ، وأنشد
وليلة مرضت من كل ناحية *** فما يضيء لها شمس ولا قمر
هذا أصله في اللغة:
ثم الشك ، والجهل ، والحيرة ، والضلال ، وإرادة الغي ، وشهوة الفجور في القلب:تعود إلى هذه الأمور الأربعة ، فيتعاطى العبد أسباب المرض حتى يمرض ، فيعاقبه الله بزيادة المرض ، لإيثاره أسبابه وتعاطيه لها .