فتأمل هذا المثل ومطابقته لحال من أشرك بالله . وتعلق بغيره .
ويجوز لك في هذا التشبيه أمران:
أحدهما:أن تجعله تشبيها مركبا . ويكون قد شبه من أشرك بالله وعبد معه غيره برجل قد تسبب إلى هلاك نفسه هلاكا لا يرجى معه نجاة . فصور حاله بصورة حال من خر من السماء فاختطفته الطير في الهواء فتفرق مزعا في حواصلها ، أو عصفت به الريح حتى هوت به في بعض المطارح البعيدة .
وعلى هذا لا تنظر إلى كل فرد من أفراد المشبه ومقابله من المشبه به .
الثاني:أن يكون من التشبيه المفرق ، فيقابل كل واحد من أجزاء الممثل بالممثل به . وعلى هذا فيكون قد شبه الإيمان والتوحيد في علوه وسعته وشرفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه فمنها هبط إلى الأرض وإليها يصعد منها .
وشبه تارك الإيمان والتوحيد بالساقط من السماء إلى أسفل سافلين ، من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة . والطير الذي تتخطف أعضاءه وتمزقه كل ممزق بالشياطين التي يرسلها الله سبحانه وتعالى عليه وتؤزه أزا وتزعجه وتدفعه إلى مظان هلاكه . فكل شيطان له مزعة من دينه وقلبه ، كما أن لكل طير مزعة من لحمه وأعضائه . والريح التي تهوي به في مكان سحيق:هو هواه الذي يحمله على إلقاء نفسه في أسفل مكان وأبعده من السماء .