قرأ أهل الكوفة{ وصد} على البناء للمفعول ، حملا على{ زين} وقرأ الباقون «وصد » بفتح الصاد ، ويحتمل وجهين:
أحدهما:أعرض ، فيكون لازما .
والثاني:يكون صد ومنع غيره ، فيكون متعديا ، والقراءتان كالآيتين لا يتناقضان .
وأما الشد على القلب ففي قوله تعالى:{ وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياه الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا أطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم * قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} [ يونس:88 . 89] .
فهذا الشد على القلب:هو الصد والمنع ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما:يريد منعها ، والمعنى قسها واطبع عليها ، حتى لا تلين ، ولا تنشرح للإيمان .
وهذا مطابق لما في التوراة:إن الله سبحانه قال لموسى عليه السلام:اذهب إلى فرعون ، فإني سأقسي قلبه ، فلا يؤمن حتى أظهر آياتي وعجائبي بمصر .
وهذا الشد والتقسية ، من كمال عدل الرب سبحانه في أعدائه ، جعله عقوبة لهم على كفرهم وإعراضهم ، كعقوبته لهم بالمصائب ، ولهذا كان محمودا ، فهو حسن منه ، وأقبح شيء منهم ، فإنه عدل منه وحكمة ، وهو ظلم منهم وسفه فالقضاء والقدر فعل عادل حكيم غني عليم ، يضع الخير والشر في أليق المواضع لهما والمقضي المقدر يكون من العبد ظلما وجورا وسفها ، وهو فعل جاهل ظالم سفيه .