فيتضمن مثل الكفار:أن الكافر يعاقب على كفره وعداوته لله ورسوله وأوليائه ، ولا ينفعه مع كفره ما كان بينه وبين المؤمنين من لحمة نسب ، أو صلة صهر ، أو سبب من أسباب الاتصال . فإن الأسباب كلها تنقطع يوم القيامة إلا ما كان منها متصلا بالله وحده على أيدي رسله ، فلو نفعت وصلة القرابة والمصاهرة أو النكاح مع عدم الإيمان ، لنفعت الوصلة التي كانت بين لوط ونوح وامرأتيهما فلما لم يغنيا عنهما من الله شيئا ، وقيل:ادخلا النار مع الداخلين . قطعت الآية حينئذ طمع من ركب معصية الله ، وخالف أمره ، ورجا أن ينفعه صلاح غيره من قريب أو أجنبي ، ولو كان بينهما في الدنيا أشد الاتصال . فلا اتصال فوق اتصال البنوة الأبوة ، والزوجية ، ولم يغن نوح عليه السلام عن ابنه ، ولا إبراهيم صلى الله عليه وسلم عن أبيه ، ولا نوح ولا لوط عليهما السلام عن امرأتيهما من الله شيئا . قال الله تعالى:{ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم} [ الممتحنة:3] وقال تعالى:{ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا} [ الانفطار:19] وقال تعالى:{ واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} [ البقرة:48] وقال:{ واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق} [ لقمان:33] .
وهذا كله تكذيب لأطماع المشركين الباطلة:أن من تعلقوا به من دون الله من قرابة ، أو صهر ، أو نكاح ، أو صحبة ينفعهم يوم القيامة ، أو يجيرهم من عذاب الله ، أو هو يشفع لهم عند الله . وهذا أصل ضلال بني آدم ، وشركهم ، وهو الشرك الذي لا يغفره الله . وهو الذي بعث الله جميع رسله وأنزل جميع كتبه بإبطاله ، ومحاربة أهله ، ومعاداتهم .