وبناءً على هذا فإنّ القرآن يحذّر زوجتي الرّسول اللتين اشتركتا في إذاعة سرّه ،بأنّكما سوف لن تنجوا من العذاب لمجرّد كونكما من أزواج النبي كما فعلت زوجتا نوح ولوط فواجهتا العذاب الإلهي .
كما تتضمّن الآيات الشريفة تحذيراً لكلّ المؤمنين بأنّ القرب من أولياء الله والانتساب إليهم لا يكفي لمنع نزول عذاب الله ومجازاته .
وورد في كلمات بعض المفسّرين أنّ زوجة نوح كانت تدعى «والهة » وزوجة لوط «والعة »{[5345]} بينما ذكر آخرون عكس ذلك أي أنّ زوجة لوط اسمها ( والهة ) وزوجة نوح اسمها ( والعة ){[5346]} .
وعلى أيّة حال فإنّ هاتين المرأتين خانتا نبيّين عظيمين من أنبياء الله .والخيانة هنا لا تعني الانحراف عن جادّة العفّة والنجابة ،لأنّهما زوجتا نبيّينولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة ،فقد جاء عن الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ): «ما بغت امرأة نبي قطّ » .
كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه ،وكذلك كانت زوجة نوح ( عليه السلام ) .
وذهب الراغب في «المفردات » إلى أنّ للخيانة والنفاق معنىً واحداً وحقيقة واحدة ،ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة ،والنفاق يأتي في الأمور الدينية وما تقدّم من سبب النزول ومشابهته لقصّة هاتين المرأتين توج
ب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى .
وعلى كلّ حال فإنّ الآية السابقة تبدّد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أنّ مجرّد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله ،ومن أجل أن لا يظنّ أحد أنّه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء ،جاء في نهاية الآية السابقة: ( فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين ) .