قوله:{ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين} هذان مثلان يضربهما الله للناس ،للاستفادة والموعظة وليعلموا أن العقيدة أساس العلائق والروابط بين العباد .فمن كان جاحدا ،مكذبا ،لا يغنيه أهلوه وذووه وصحبه من عذاب الله شيئا .وهو لا محالة في الأخسرين .ومن كان مؤمنا موقنا موصول القلب بالله لا تضره مكائد المجرمين والمتربصين ولا تزعزعه النوائب والفتن من حوله مهما عتت واشتدت .فقد مثّل الله المثل{للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما} كانتا زوجين لنبيين كريمين صالحين ،فخانت كل واحدة منهما زوجها .فزوجة نوح كانت كافرة ،وكانت تقول للمشركين إن نوحا مجنون فتغريهم به وتحرّضهم عليه .أما امرأة لوط فكانت تدل قومها على أضيافه ،فما يأتيه من أحد إلا وتشير إلى المشركين لتنبئهم بذلك .
وليس المقصود بخيانتهما اقتراف الزنا .فما كان لامرأة نبي أن تزني البتة .ولكن خيانتهما كفرهما وتمالؤهما مع الكافرين على زوجيهما النبيين الصالحين{فلم يغنيا عنهما من الله شيئا} أي لم يغن نوح ولوط .عن امرأتيهما الخائنتين من عذاب الله شيئا .فالنبيان الكريمان لا يملكان دفع العذاب عن المرء إلا بالطاعة وإخلاص العبادة لله .
ثم قيل للزوجين الظالمتين{ادخلا النار مع الداخلين} وهذه عاقبة الذين يخونون النبيين بمعاداتهم والكيد لهم والتمالؤ عليهم مع الكافرين .إن عاقبتهم النار يصلونها مقهورين مذمومين{[4578]} .