وذكر في أخبار بني إسرائيل أنه عاش ألفا وستمائة سنة يجوب الأرض طولها والعرض حتى بلغ المشارق والمغارب . ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض كما قال الله تعالى:( وجدها تطلع على قوم ) أي أمة ( لم نجعل لهم من دونها سترا ) أي:ليس لهم بناء يكنهم ، ولا أشجار تظلهم وتسترهم من حر الشمس .
قال سعيد بن جبير:كانوا حمرا قصارا ، مساكنهم الغيران ، أكثر معيشتهم من السمك .
وقال أبو داود الطيالسي:حدثنا سهل بن أبي الصلت ، سمعت الحسن وسئل عن قوله تعالى:( لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال:إن أرضهم لا تحمل البناء فإذا طلعت الشمس تغوروا في المياه ، فإذا غربت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم . قال الحسن:هذا حديث سمرة .
وقال قتادة:ذكر لنا أنهم بأرض لا تنبت لهم شيئا ، فهم إذا طلعت الشمس دخلوا في أسراب ، حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم .
وعن سلمة بن كهيل أنه قال:ليس لهم أكنان ، إذا طلعت الشمس طلعت عليهم ، فلأحدهم أذنان يفترش إحداهما ويلبس الأخرى .
قال عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله:( وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال:هم الزنج .
وقال ابن جريج في قوله:( وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ) قال:لم يبنوا فيها بناء قط ، ولم يبن عليهم فيها بناء قط ، كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس ، أو دخلوا البحر ، وذلك أن أرضهم ليس فيها جبل ، جاءهم جيش مرة فقال لهم أهلها:لا تطلعن عليكم الشمس وأنتم بها . قالوا:لا نبرح حتى تطلع الشمس ، ما هذه العظام ؟ قالوا:هذه جيف جيش طلعت عليهم الشمس هاهنا فماتوا . قال:فذهبوا هاربين في الأرض .