يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنهم خير الأمم فقال:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) .
قال البخاري:حدثنا محمد بن يوسف ، عن سفيان ، عن ميسرة ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال:خير الناس للناس ، تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام .
وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) يعني:خير الناس للناس .
والمعنى:أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال:( تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )
قال الإمام أحمد:حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا شريك ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة عن زوج [ درة] بنت أبي لهب ، [ عن درة بنت أبي لهب] قالت:قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، فقال:يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال:"خير الناس أقرؤهم وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم ".
ورواه أحمد في مسنده ، والنسائي في سننه ، والحاكم في مستدركه ، من حديث سماك ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) قال:هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .
والصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة ، كل قرن بحسبه ، وخير قرونهم الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، كما قال في الآية الأخرى:( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) أي:خيارا ( لتكونوا شهداء على الناس [ ويكون الرسول عليكم شهيدا] ) الآية .
وفي مسند الإمام أحمد ، وجامع الترمذي ، وسنن ابن ماجه ، ومستدرك الحاكم ، من رواية حكيم بن معاوية بن حيدة ، عن أبيه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتم توفون سبعين أمة ، أنتم خيرها ، وأنتم أكرم على الله عز وجل ".
وهو حديث مشهور ، وقد حسنه الترمذي . ويروى من حديث معاذ بن جبل ، وأبي سعيد [ الخدري] نحوه .
وإنما حازت هذه الأمة قصب السبق إلى الخيرات بنبيها محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أشرف خلق الله ، أكرم الرسل على الله ، وبعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبيا قبله ولا رسولا من الرسل . فالعمل [ على] منهاجه وسبيله ، يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه ، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا ابن زهير ، عن عبد الله - يعني ابن محمد بن عقيل - عن محمد بن علي ، وهو ابن الحنفية ، أنه سمع علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء ". فقلنا:يا رسول الله ، ما هو ؟ قال:"نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض ، وسميت أحمد ، وجعل التراب لي طهورا ، وجعلت أمتي خير الأمم ". تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناده حسن .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ، حدثنا ليث ، عن معاوية عن ابن أبي حليس يزيد بن ميسرة قال:سمعت أم الدرداء ، رضي الله عنها ، تقول:سمعت أبا الدرداء يقول:سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ، وما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها ، يقول إن الله تعالى يقول:يا عيسى ، إني باعث بعدك أمة ، إن أصابهم ما يحبون حمدوا وشكروا ، وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ، ولا حلم ولا علم ". قال:يا رب ، كيف هذا لهم ، ولا حلم ولا علم ؟ قال:"أعطيهم من حلمي وعلمي ".
وقد وردت أحاديث يناسب ذكرها هاهنا:
قال الإمام أحمد:حدثنا هاشم بن القاسم ، حدثنا المسعودي ، حدثنا بكير بن الأخنس ، عن رجل ، عن أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي ، عز وجل ، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا ". فقال أبو بكر ، رضي الله عنه:فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى ، ومصيب من حافات البوادي .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، حدثنا هشام بن حسان ، عن القاسم بن مهران ، عن موسى بن عبيد ، عن ميمون بن مهران ، عن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن ربي أعطاني سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ". فقال عمر:يا رسول الله ، فهلا استزدته ؟ فقال:"استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا ". قال عمر:فهلا استزدته ؟ قال:"قد استزدته فأعطاني هكذا ". وفرج عبد الله بن بكر بين يديه ، وقال عبد الله:وبسط باعيه ، وحثا عبد الله ، قال هشام:وهذا من الله لا يدرى ما عدده .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا أبو اليمان ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة قال:قال شريح بن عبيد:مرض ثوبان بحمص ، وعليها عبد الله بن قرط الأزدي ، فلم يعده ، فدخل على ثوبان رجل من الكلاعيين عائدا ، فقال له ثوبان:[ أتكتب ؟ قال:نعم . فقال:اكتب ، فكتب للأمير عبد الله بن قرط ، "من ثوبان] مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد ، فإنه لو كان لموسى وعيسى ، عليهما السلام ، بحضرتك خادم لعدته "ثم طوى الكتاب وقال له:أتبلغه إياه ؟ فقال:نعم . فانطلق الرجل بكتابه فدفعه إلى ابن قرط ، فلما رآه قام فزعا ، فقال الناس:ما شأنه ؟ أحدث أمر ؟ فأتى ثوبان حتى دخل عليه فعاده ، وجلس عنده ساعة ثم قام ، فأخذ ثوبان بردائه وقال:اجلس حتى أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول:"ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب ، مع كل ألف سبعون ألفا ".
تفرد به أحمد من هذا الوجه ، وإسناد رجاله كلهم ثقات شاميون حمصيون ، فهو حديث صحيح ولله الحمد .
طريق أخرى:قال الطبراني:حدثنا عمرو بن إسحاق بن زبريق الحمصي ، حدثنا محمد بن إسماعيل - يعني ابن عياش - حدثنا أبي ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن ربي ، عز وجل ، وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون ، مع كل ألف سبعون ألفا ". هذا لعله هو المحفوظ بزيادة أبي أسماء الرحبي ، بين شريح وبين ثوبان والله أعلم .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن ابن مسعود قال:أكثرنا الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، ثم غدونا إليه فقال:"عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها ، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة ، والنبي ومعه العصابة ، والنبي ومعه النفر ، والنبي ليس معه أحد ، حتى مر علي موسى ، عليه السلام ، ومعه كبكبة من بني إسرائيل ، فأعجبوني ، فقلت:من هؤلاء ؟ فقيل لي:هذا أخوك موسى ، معه بنو إسرائيل ". قال:"قلت:فأين أمتي ؟ فقيل:انظر عن يمينك . فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال ، ثم قيل لي انظر عن يسارك ، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ، فقيل لي:قد رضيت ؟ فقلت "رضيت يا رب ، [ رضيت يا رب] "قال:"فقيل لي:إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ". فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فداكم أبي وأمي ، إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب ، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق ، فإني قد رأيت ثم أناسا يتهاوشون ". فقام عكاشة بن محصن فقال:ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم . أي من السبعين ، فدعا له . فقام رجل آخر فقال:ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال:"قد سبقك بها عكاشة ". قال:ثم تحدثنا فقلنا:لمن ترون هؤلاء السبعين الألف ؟ قوم ولدوا في الإسلام لم يشركوا بالله شيئا حتى ماتوا . فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ".
هكذا رواه أحمد بهذا السند وهذا السياق ، ورواه أيضا عن عبد الصمد ، عن هشام ، عن قتادة ، بإسناده مثله ، وزاد بعد قوله:"رضيت يا رب ، رضيت يا رب "قال رضيت ؟ قلت:"نعم ". قال:انظر عن يسارك ، قال:"فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال ". فقال:رضيت ؟ قلت:"رضيت ". وهذا إسناد صحيح من هذا الوجه ، تفرد به أحمد ولم يخرجوه .
حديث آخر:قال أحمد بن منيع:حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز ، حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر ، عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه وسلم:"عرضت علي الأمم بالموسم فراثت علي أمتي ، ثم رأيتهم فأعجبتني كثرتهم وهيئاتهم ، قد ملئوا السهل والجبل "، فقال:أرضيت يا محمد ؟ فقلت:"نعم ". قال:فإن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون ". فقام عكاشة فقال:يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال:"أنت منهم "فقام رجل آخر فقال:[ ادع الله أن يجعلني منهم فقال] سبقك بها عكاشة ". رواه الحافظ الضياء المقدسي ، قال:هذا عندي على شرط مسلم .
حديث آخر:قال الطبراني:حدثنا محمد بن محمد الجذوعي القاضي ، حدثنا عقبة بن مكرم . حدثنا محمد بن أبي عدي عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين ، عن عمران بن حصين قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب ". قيل:من هم ؟ قال:"هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ". رواه مسلم من طريق هشام بن حسان ، وعنده ذكر عكاشة .
حديث آخر:ثبت في الصحيحين من رواية الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة حدثه قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"يدخل الجنة من أمتي زمرة وهم سبعون ألفا ، تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر ". فقال أبو هريرة:فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال:يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم اجعله منهم ". ثم قام رجل من الأنصار فقال:يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فقال:"سبقك بها عكاشة ".
حديث آخر:قال أبو القاسم الطبراني:حدثنا يحيى بن عثمان ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ليدخلن من أمتي سبعون ألفا - أو سبعمائة ألف - آخذ بعضهم ببعض ، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة ، ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر ".
أخرجه البخاري ومسلم جميعا ، عن قتيبة عن عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل به .
حديث آخر:قال مسلم بن الحجاج في صحيحه:حدثنا سعيد بن منصور ، حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن قال:كنت عند سعيد بن جبير فقال:أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت:أنا . ثم قلت:أما إني لم أكن في صلاة ، ولكني لدغت:قال:فما صنعت ؟ قلت:استرقيت . قال:فما حملك على ذلك ؟ قلت:حديث حدثناه الشعبي . قال:وما حدثكم الشعبي ؟ قلت:حدثنا عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أنه قال:لا رقية إلا من عين أو حمة . فقال:قد أحسن من انتهى إلى ما سمع ، ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عرضت علي الأمم ، فرأيت النبي ومعه الرهيط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم ، فظننت أنهم أمتي ، فقيل لي:هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق . فنظرت ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي:انظر إلى الأفق الآخر ، فإذا سواد عظيم ، فقيل لي:هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ". ثم نهض فدخل منزله ، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فقال بعضهم:فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم:فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا ، وذكروا أشياء ، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"ما الذي تخوضون فيه ؟ "فأخبروه ، فقال:"هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ". فقام عكاشة بن محصن فقال:ادع الله أن يجعلني منهم قال:"أنت منهم ". ثم قام رجل آخر فقال:ادع الله أن يجعلني منهم . قال:"سبقك بها عكاشة ".
وأخرجه البخاري عن أسيد بن زيد ، عن هشيم وليس عنده "لا يرقون ".
حديث آخر:قال أحمد:حدثنا روح بن عبادة . حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا ، وفيه:"فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفا ، لا يحاسبون ثم الذين يلونهم ، كأضوأ نجم في السماء ثم كذلك ". وذكر بقيته ، رواه مسلم من حديث روح ، غير أنه لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم .
حديث آخر:قال الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنن له:حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن محمد بن زياد ، سمعت أبا أمامة الباهلي يقول:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، لا حساب عليهم ولا عذاب . وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل ".
وكذا رواه الطبراني من طريق هشام بن عمار ، عن إسماعيل بن عياش ، به ، وهذا إسناد جيد .
طريق أخرى عن أبي أمامة:قال ابن أبي عاصم:حدثنا دحيم ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا صفوان بن عمرو ، عن سليم بن عامر ، عن أبي اليمان الهوزني - واسمه عامر بن عبد الله بن لحي ، عن أبي أمامة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ". قال يزيد بن الأخنس:والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله إلا مثل الذباب الأصهب في الذباب . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن الله وعدني سبعين ألفا ، مع كل ألف سبعون ألفا ، وزادني ثلاث حثيات ". وهذا أيضا إسناد حسن .
حديث آخر:قال أبو القاسم الطبراني:حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول:حدثني عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي ، رضي الله عنه ، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ثم يشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ، عز وجل ، بكفيه ثلاث حثيات ". فكبر عمر وقال:إن السبعين الأول يشفعهم الله في آبائهم وأبنائهم وعشائرهم ، وأرجو أن يجعلني الله في إحدى الحثيات الأواخر .
قال الحافظ الضياء المقدسي في كتابه صفة الجنة:لا أعلم لهذا الإسناد علة . والله أعلم .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا هشام - يعني الدستوائي - حدثنا يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، حدثنا عطاء بن يسار أن رفاعة الجهني حدثه قال:أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد - أو قال بقديد - فذكر حديثا ، وفيه:ثم قال:وعدني ربي ، عز وجل ، أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تبوءوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة ".
قال الضياء [ المقدسي] وهذا عندي على شرط مسلم .
حديث آخر:قال عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن أنس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف ". قال أبو بكر:زدنا يا رسول الله . قال:والله هكذا فقال عمر:حسبك يا أبا بكر . فقال أبو بكر:دعني ، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا ، فقال عمر:إن شاء الله أدخل خلقه الجنة بكف واحد . فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"صدق عمر ".
هذا الحديث بهذا الإسناد انفرد به عبد الرزاق قاله الضياء . وقد رواه الحافظ أبو نعيم الأصبهاني:
حدثنا محمد بن أحمد بن مخلد ، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي مائة ألف ". فقال أبو بكر:يا رسول الله ، زدنا قال:"وهكذا "- وأشار سليمان بن حرب بيده كذلك - قلت يا رسول الله ، زدنا . فقال عمر:إن الله قادر أن يدخل الناس الجنة بحفنة واحدة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"صدق عمر ". هذا حديث غريب من هذا الوجه وأبو هلال اسمه:محمد بن سليم الراسبي ، بصري .
طريق أخرى عن أنس:قال الحافظ أبو يعلى:حدثنا محمد بن أبي بكر ، حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ، حدثنا حميد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا ". قالوا:زدنا يا رسول الله . قال:"لكل رجل سبعون ألفا "قالوا:زدنا - وكان على كثيب - فقال:هكذا ، وحثا بيده . قالوا:يا رسول الله ، أبعد الله من دخل النار بعد هذا ، وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، ما عدا عبد القاهر بن السري ، وقد سئل عنه ابن معين ، فقال:صالح .
حديث آخر:روى الطبراني من حديث قتادة ، عن أبي بكر بن أنس ، عن أبي بكر بن عمير عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة ". فقال عمير:يا رسول الله ، زدنا . فقال هكذا بيده . فقال عمير يا رسول الله ، زدنا . فقال عمر:حسبك ، إن الله إن شاء أدخل الناس الجنة بحفنة - أو بحثية - واحدة . فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"صدق عمر ".
حديث آخر:قال الطبراني:حدثنا أحمد بن خليد ، حدثنا أبو توبة ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول:حدثني عبد الله بن عامر ، أن قيسا الكندي حدث أن أبا سعيد الأنماري حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب ، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا ، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه ". كذا قال قيس ، فقلت لأبي سعيد:أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال:نعم ، بأذني ، ووعاه قلبي . قال أبو سعيد:فقال - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم -:"وذلك إن شاء الله ، عز وجل ، يستوعب مهاجري أمتي ، ويوفي الله بقيته من أعرابنا ".
وقد روى هذا الحديث محمد بن سهل بن عسكر ، عن أبي توبة الربيع بن نافع بإسناده ، مثله . وزاد:قال أبو سعيد:فحسب ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ أربعمائة ألف ألف وتسعين ألف ألف .
حديث آخر:قال أبو القاسم الطبراني:حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، حدثني أبي ، حدثني ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عن أبي مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما والذي نفس محمد بيده ليبعثن منكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود ، زمرة جميعها يخبطون الأرض ، تقول الملائكة:لم جاء مع محمد أكثر مما جاء مع الأنبياء ؟ ". وهذا إسناد حسن .
نوع آخر من الأحاديث الدالة على فضيلة هذه الأمة وشرفها بكرامتها على الله ، وأنها خير الأمم في الدنيا والآخرة .
قال الإمام أحمد:حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إني لأرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع الجنة ". قال:فكبرنا . ثم قال:"أرجو أن يكونوا ثلث الناس ". قال:فكبرنا . ثم قال:"أرجو أن تكونوا الشطر ". وهكذا رواه عن روح ، عن ابن جريج ، به . وهو على شرط مسلم .
وثبت في الصحيحين من حديث أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن مسعود قال:قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ "فكبرنا . ثم قال:"أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ "فكبرنا . ثم قال:"إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ".
طريق أخرى عن ابن مسعود:قال الطبراني:حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثني الحارث بن حصيرة ، حدثني القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله بن مسعود قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كيف أنتم وربع الجنة لكم ولسائر الناس ثلاثة أرباعها ؟ "قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"كيف أنتم وثلثها ؟ "قالوا:ذاك أكثر . قال:"كيف أنتم والشطر لكم ؟ "قالوا:ذاك أكثر . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أهل الجنة عشرون ومائة صف ، لكم منها ثمانون صفا ".
قال الطبراني:تفرد به الحارث بن حصيرة .
حديث آخر:قال الإمام أحمد:حدثنا عبد الصمد ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم ، حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان الشيباني ، عن محارب بن دثار ، عن ابن بريدة ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أهل الجنة عشرون ومائة صف ، هذه الأمة من ذلك ثمانون صفا ".
وكذلك رواه عن عفان ، عن عبد العزيز ، به . وأخرجه الترمذي من حديث أبي سنان ، به وقال:هذا حديث حسن . ورواه ابن ماجه من حديث سفيان الثوري ، عن علقمة بن مرثد ، عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، به .
حديث آخر:روى الطبراني من حديث سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، حدثنا خالد بن يزيد البجلي ، حدثنا سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أهل الجنة عشرون ومائة صف ، ثمانون منها من أمتي ".
تفرد به خالد بن يزيد البجلي ، وقد تكلم فيه ابن عدي .
حديث آخر:قال الطبراني:حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا موسى بن غيلان ، حدثنا هاشم بن مخلد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن أبي عمرو ، عن أبيه عن أبي هريرة قال:لما نزلت ( ثلة من الأولين . وثلة من الآخرين [ الواقعة:38 ، 39] ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أنتم ربع أهل الجنة ، أنتم ثلث أهل الجنة ، أنتم نصف أهل الجنة ، أنتم ثلثا أهل الجنة ".
وقال عبد الرزاق:أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولا الجنة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، الناس لنا فيه تبع غدا لليهود [ و] للنصارى بعد غد ".
رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا بنحوه ، ورواه مسلم أيضا عن طريق الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، ونحن أول من يدخل الجنة ". وذكر تمام الحديث .
حديث آخر:روى الدارقطني في الأفراد من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الجنة حرمت على الأنبياء كلهم حتى أدخلها ، وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي ".
ثم قال:تفرد به ابن عقيل ، عن الزهري ، ولم يرو عنه سواه . وتفرد به زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، وتفرد به عمرو بن أبي سلمة ، عن زهير .
وقد رواه أبو أحمد بن عدي الحافظ فقال:حدثنا أحمد بن الحسين بن إسحاق ، حدثنا أبو بكر الأعين محمد بن أبي عتاب ، حدثنا أبو حفص التنيسي - يعني عمرو بن أبي سلمة - حدثنا صدقة الدمشقي . عن زهير بن محمد ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الزهري .
ورواه الثعلبي:حدثنا أبو عباس المخلدي ، أخبرنا أبو نعم عبد الملك بن محمد ، أخبرنا أحمد بن عيسى التنيسي ، حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، عن زهير بن محمد ، عن ابن عقيل ، به .
فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى:( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم والمدح لهم ، كما قال قتادة:بلغنا أن عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه] في حجة حجها رأى من الناس سرعة فقرأ هذه الآية:( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ثم قال:من سره أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها . رواه ابن جرير .
ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله بقوله:( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه [ لبئس ما كانوا يفعلون] [ المائدة:79] ) ولهذا لما مدح [ الله] تعالى هذه الأمة على هذه الصفات شرع في ذم أهل الكتاب وتأنيبهم ، فقال:( ولو آمن أهل الكتاب ) أي:بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ( لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ) أي:قليل منهم من يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم ، وأكثرهم على الضلالة والكفر والفسق والعصيان .