ثم قال تعالى:( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) أي:ألزمهم الله الذلة والصغار أينما كانوا فلا يأمنون ( إلا بحبل من الله ) أي:بذمة من الله ، وهو عقد الذمة لهم وضرب الجزية عليهم ، وإلزامهم أحكام الملة ( وحبل من الناس ) أي:أمان منهم ولهم ، كما في المهادن والمعاهد والأسير إذا أمنه واحد من المسلمين ولو امرأة ، وكذا عبد ، على أحد قولي العلماء .
قال ابن عباس:( إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) أي:بعهد من الله وعهد من الناس ، [ و] هكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، والربيع بن أنس .
وقوله:( وباءوا بغضب من الله ) أي:ألزموا فالتزموا بغضب من الله ، وهم يستحقونه ( وضربت عليهم ) أي:ألزموها قدرا وشرعا . ولهذا قال:( ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ) أي:وإنما حملهم على ذلك الكبر والبغي والحسد ، فأعقبهم ذلك الذلة والصغار والمسكنة أبدا ، متصلا بذلة الآخرة ، ثم قال تعالى:( ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) أي:إنما حملهم على الكفر بآيات الله وقتل رسل الله وقيضوا لذلك أنهم كانوا يكثرون العصيان لأوامر الله ، عز وجل ، والغشيان لمعاصي الله ، والاعتداء في شرع الله ، فعياذا بالله من ذلك ، والله المستعان .
قال ابن أبي حاتم:حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا شعبة ، عن سليمان الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر الأزدي ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال:كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم ثلاثمائة نبي ، ثم يقوم سوق بقلهم في آخر النهار .