م قال تعالى:( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) أي:لا بد أن يعقد سببا من المحنة ، يظهر فيه وليه ، ويفتضح فيه عدوه . يعرف به المؤمن الصابر ، والمنافق الفاجر . يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن به المؤمنين ، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم [ وثباتهم] وطاعتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وهتك به ستر المنافقين ، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ولرسوله [ صلى الله عليه وسلم] ولهذا قال:( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب ) .
قال مجاهد:ميز بينهم يوم أحد . وقال قتادة:ميز بينهم بالجهاد والهجرة . وقال السدي:قالوا:إن كان محمد صادقا فليخبرنا عمن يؤمن به منا ومن يكفر . فأنزل الله:( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى ) [ يميز الخبيث من الطيب ) أي:حتى] يخرج المؤمن من الكافر . روى ذلك كله ابن جرير:
ثم قال:( وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) أي:أنتم لا تعلمون غيب الله في خلقه حتى يميز لكم المؤمن من المنافق ، لولا ما يعقده من الأسباب الكاشفة عن ذلك .
ثم قال:( ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء ) كقوله ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) [ الجن:26 ، 27] .
ثم قال:( فآمنوا بالله ورسله ) أي:أطيعوا الله ورسوله واتبعوه فيما شرع لكم ( وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم ) .