وقوله:( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له ) أي:بحسب ما له في ذلك من الحكمة ، يبسط على هذا من المال كثيرا ، ويضيق على هذا ويقتر على هذا رزقه جدا ، وله في ذلك من الحكمة ما لا يدركها غيره ، كما قال تعالى:( انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) [ الإسراء:21] أي:كما هم متفاوتون في الدنيا:هذا فقير مدقع ، وهذا غني موسع عليه ، فكذلك هم في الآخرة:هذا في الغرفات في أعلى الدرجات ، وهذا في الغمرات في أسفل الدركات . وأطيب الناس في الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد أفلح من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه ". رواه مسلم من حديث ابن عمرو .
وقوله:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ) أي:مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم ، فهو يخلفه عليكم في الدنيا بالبدل ، وفي الآخرة بالجزاء والثواب ، كما ثبت في الحديث:يقول الله تعالى:أنفق أنفق عليك ". وفي الحديث:أن ملكين يصيحان كل يوم ، يقول أحدهما:"اللهم أعط ممسكا تلفا "، ويقول الآخر:"اللهم أعط منفقا خلفا "وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا ".
وقال ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد العزيز الطلاس ، حدثنا هشيم عن الكوثر بن حكيم ، عن مكحول قال:بلغني عن حذيفة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن بعدكم زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يده حذار الإنفاق ". ثم تلا هذه الآية:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين )
وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي:حدثنا روح بن حاتم ، حدثنا هشيم ، عن الكوثر بن حكيم عن مكحول قال:بلغني عن حذيفة أنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن بعد زمانكم هذا زمان عضوض ، يعض الموسر على ما في يديه حذار الإنفاق "، قال الله تعالى:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ) ، وينهل شرار الخلق يبايعون كل مضطر ، ألا إن بيع المضطرين حرام ، ألا إن بيع المضطرين حرام المسلم أخو المسلم . لا يظلمه ولا يخذله ، إن كان عندك معروف ، فعد به على أخيك ، وإلا فلا تزده هلاكا إلى هلاكه ".
هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفي إسناده ضعف .
وقال سفيان الثوري ، عن أبي يونس الحسن بن يزيد قال:قال مجاهد:لا يتأولن أحدكم هذه الآية:( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه ):إذا كان عند أحدكم ما يقيمه فليقصد فيه ، فإن الرزق مقسوم .