وقوله تعالى:( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) أي:لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه ، فإنه وإن حصل القسم الصوري:ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع ، كما قاله ابن عباس ، وعبيدة السلماني ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك بن مزاحم .
وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا أبو زرعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة قال:نزلت هذه الآية:( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) في عائشة . يعني:أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول:"اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك "يعني:القلب .
لفظ أبي داود ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي:رواه حماد بن زيد وغير واحد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا قال:وهذا أصح .
وقوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي:فإذا ملتم إلى واحدة منهم فلا تبالغوا في الميل بالكلية ( فتذروها كالمعلقة ) أي:فتبقى هذه الأخرى معلقة .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان:معناه لا ذات زوج ولا مطلقة .
وقد قال أبو داود الطيالسي:أنبأنا همام ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط ".
وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث همام بن يحيى ، عن قتادة ، به . وقال الترمذي:إنما أسنده همام ، ورواه عن قتادة - قال:"كان يقال ". ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همام .
وقوله:( وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما ) أي:وإن أصلحتم في أموركم ، وقسمتم بالعدل فيما تملكون ، واتقيتم الله في جميع الأحوال ، غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض .