( وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) أي:لصائرون إليه بعد مماتنا ، وإليه سيرنا الأكبر . وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة ، كما نبه بالزاد الدنيوي على [ الزاد] الأخروي في قوله:( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) [ البقرة:197] وباللباس الدنيوي على الأخروي في قوله تعالى:( وريشا ولباس التقوى ذلك خير [ ذلك من آيات الله] ) [ الأعراف:26] .
ذكر الأحاديث الواردة عند ركوب الدابة:
حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه:
قال الإمام أحمد:حدثنا يزيد ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة قال:رأيت عليا ، رضي الله عنه ، أتي بدابة ، فلما وضع رجله في الركاب قال:باسم الله . فلما استوى عليها قال:الحمد لله ، ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) ثم حمد الله ثلاثا ، وكبر ثلاثا ، ثم قال:سبحانك ، لا إله إلا أنت ، قد ظلمت نفسي فاغفر لي . ثم ضحك فقلت له:من أي شيء ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ فقال:رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنع كما صنعت ، ثم ضحك . فقلت:مم ضحكت يا رسول الله ؟ فقال:"يعجب الرب من عبده إذا قال:رب اغفر لي . ويقول:علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري ".
وهكذا رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، من حديث أبي الأحوص - زاد النسائي:ومنصور - عن أبي إسحاق السبيعي ، عن علي بن ربيعة الأسدي الوالبي ، به . وقال الترمذي:حسن صحيح .
وقد قال عبد الرحمن بن مهدي ، عن شعبة:قلت لأبي إسحاق السبيعي:ممن سمعت هذا الحديث ؟ قال:من يونس بن خباب . فلقيت يونس بن خباب فقلت:ممن سمعته ؟ فقال:من رجل سمعه من علي بن ربيعة . ورواه بعضهم عن يونس بن خباب ، عن شقيق بن عقبة الأسدي ، عن علي بن ربيعة الوالبي ، به .
حديث عبد الله بن عباس ، رضي الله عنهما:
قال الإمام أحمد:حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا أبو بكر بن عبد الله ، عن علي بن أبي طلحة ، عن عبد الله بن عباس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أردفه على دابته ، فلما استوى عليها كبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا ، وحمد ثلاثا ، وهلل الله واحدة . ثم استلقى عليه فضحك ، ثم أقبل عليه فقال:"ما من امرئ مسلم يركب دابة فيصنع كما صنعت ، إلا أقبل الله ، عز وجل ، عليه ، فضحك إليه كما ضحكت إليك ". تفرد به أحمد .
حديث عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما:
قال الإمام أحمد:حدثنا أبو كامل حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي الزبير ، عن علي بن عبد الله البارقي ، عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركب راحلته كبر ثلاثا ، ثم قال:( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين . وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) . ثم يقول:"اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ، ومن العمل ما ترضى . اللهم ، هون علينا السفر واطو لنا البعيد . اللهم ، أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل . اللهم ، اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا ". وكان إذا رجع إلى أهله قال:"آيبون تائبون إن شاء الله ، عابدون ، لربنا حامدون ".
وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي ، من حديث ابن جريج ، والترمذي من حديث حماد بن سلمة ، كلاهما عن أبي الزبير ، به .
حديث آخر:
قال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن عمرو بن الحكم بن ثوبان ، عن أبي لاس الخزاعي قال:حملنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إبل من إبل الصدقة إلى الحج . فقلنا:يا رسول الله ، ما نرى أن تحملنا هذه ! فقال:"ما من بعير إلا في ذروته شيطان ، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما آمركم ، ثم امتهنوها لأنفسكم ، فإنما يحمل الله عز وجل ".
أبو لاس اسمه:محمد بن الأسود بن خلف .
حديث آخر في معناه:
قال أحمد:حدثنا عتاب ، أخبرنا عبد الله ( ح ) وعلي بن إسحاق ، أخبرنا عبد الله - يعني ابن المبارك - أخبرنا أسامة بن زيد ، أخبرني محمد بن حمزة ; أنه سمع أباه يقول:سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"على ظهر كل بعير شيطان ، فإن ركبتموها فسموا الله ، عز وجل ، ثم لا تقصروا عن حاجاتكم ".