وقوله:( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) أي:كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله ، عز وجل ، فإنه دائم بدوامه . وهذا كما قال إبراهيم ، عليه السلام ، لقومه:( إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) [ العنكبوت:25] .
وقال عبد الرزاق:أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي ، رضي الله عنه:( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) قال:خليلان مؤمنان ، وخليلان كافران ، فتوفي أحد المؤمنين وبشر بالجنة فذكر خليله ، فقال:اللهم ، إن فلانا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، وينبئني أني ملاقيك ، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني ، وترضى عنه كما رضيت عني . فيقال له:اذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا وبكيت قليلا . قال:ثم يموت الآخر ، فتجتمع أرواحهما ، فيقال:ليثن أحدكما على صاحبه ، فيقول كل واحد منهما لصاحبه:نعم الأخ ، ونعم الصاحب ، ونعم الخليل . وإذا مات أحد الكافرين ، وبشر بالنار ذكر خليله فيقول:اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني ، وتسخط عليه كما سخطت علي . قال:فيموت الكافر الآخر ، فيجمع بين أرواحهما فيقال:ليثن كل واحد منكما على صاحبه . فيقول كل واحد منهما لصاحبه:بئس الأخ ، وبئس الصاحب ، وبئس الخليل . رواه ابن أبي حاتم .
وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة:صارت كل خلة عداوة يوم القيامة إلا المتقين .
وروى الحافظ ابن عساكر - في ترجمة هشام بن أحمد - عن هشام بن عبد الله بن كثير:حدثنا أبو جعفر محمد بن الخضر بالرقة ، عن معافى:حدثنا حكيم بن نافع ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لو أن رجلين تحابا في الله ، أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ، لجمع الله بينهما يوم القيامة ، يقول:هذا الذي أحببته في ".