وقوله ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسن الهستجاني ، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، حدثنا الفضل حدثني أبو صخر في قول الله:( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) قال:هو قول اليهود:( عزير ابن الله ) وقول النصارى:( المسيح ابن الله ) [ التوبة:30] فجعلوا الله ثالث ثلاثة .
وهذا قول غريب في تفسير الآية:أن المراد بذلك طائفتا اليهود والنصارى ، والصحيح:أنها أنزلت في النصارى خاصة ، قاله مجاهد وغير واحد .
ثم اختلفوا في ذلك فقيل:المراد بذلك كفارهم في قولهم بالأقانيم الثلاثة وهو أقنوم الأب ، وأقنوم الابن ، وأقنوم الكلمة المنبثقة من الأب إلى الابن ، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا ، قال ابن جرير وغيره:والطوائف الثلاث من الملكية واليعقوبية والنسطورية تقول بهذه الأقانيم . وهم مختلفون فيها اختلافا متباينا ليس هذا موضع بسطه ، وكل فرقة منهم تكفر الأخرى ، والحق أن الثلاث كافرة .
وقال السدي وغيره:نزلت في جعلهم المسيح وأمه إلهين مع الله ، فجعلوا الله ثالث ثلاثة بهذا الاعتبار ، قال السدي:وهي كقوله تعالى في آخر السورة:( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ) الآية [ المائدة:116] .
وهذا القول هو الأظهر ، والله أعلم . قال الله تعالى:( وما من إله إلا إله واحد ) أي:ليس متعددا ، بل هو وحده لا شريك له ، إله جميع الكائنات وسائر الموجودات .
ثم قال تعالى متوعدا لهم ومتهددا:( وإن لم ينتهوا عما يقولون ) أي:من هذا الافتراء والكذب ( ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) أي:في الآخرة من الأغلال والنكال .