وقال الإمام أحمد:حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى ، حدثنا البراء الغنوي ، حدثنا الحسن ، عن معاذ بن جبل ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية:( وأصحاب اليمين ) ، ( وأصحاب الشمال ) فقبض بيده قبضتين فقال:"هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي ".
وقال أحمد أيضا:حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا خالد بن أبي عمران ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"أتدرون من السابقون إلى ظل يوم القيامة ؟ "قالوا:الله ورسوله أعلم . قال:"الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم ".
وقال محمد بن كعب وأبو حرزة يعقوب بن مجاهد:( والسابقون السابقون ):هم الأنبياء ، عليهم السلام . وقال السدي:هم أهل عليين . وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس:( والسابقون السابقون ) ، قال:يوشع بن نون ، سبق إلى موسى ، ومؤمن آل "يس "، سبق إلى عيسى ، وعلي بن أبي طالب ، سبق إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن هارون الفلاس ، عن عبد الله بن إسماعيل المدائني البزاز ، عن شعيب بن الضحاك المدائني ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح به .
وقال ابن أبي حاتم:وذكر محمد بن أبي حماد ، حدثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة ، عن ابن سيرين:( والسابقون السابقون ) الذين صلوا للقبلتين .
ورواه ابن جرير من حديث خارجة ، به .
وقال الحسن وقتادة:( والسابقون السابقون ) أي:من كل أمة .
وقال الأوزاعي ، عن عثمان بن أبي سودة أنه قرأ هذه الآية:( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) ثم قال:أولهم رواحا إلى المسجد ، وأولهم خروجا في سبيل الله .
وهذه الأقوال كلها صحيحة ، فإن المراد بالسابقين هم المبادرون إلى فعل الخيرات كما أمروا ، كما قال تعالى:( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض ) [ آل عمران:133] ، وقال:( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) [ الحديد:22] ، فمن سابق إلى هذه الدنيا وسبق إلى الخير ، كان في الآخرة من السابقين إلى الكرامة ، فإن الجزاء من جنس العمل ، وكما تدين تدان ; ولهذا قال تعالى:( أولئك المقربون في جنات النعيم ) .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن زكريا القزاز الرازي ، حدثنا خارجة بن مصعب ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عمرو قال:قالت الملائكة:يا رب ، جعلت لبني آدم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون ، فاجعل لنا الآخرة . فقال:لا أفعل . فراجعوا ثلاثا ، فقال:لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له:كن ، فكان . ثم قرأ عبد الله:( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ) .
وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في كتابه:"الرد على الجهمية "، ولفظه:فقال الله عز وجل:"لن أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي ، كمن قلت له:كن فكان ".