القول في تأويل قوله تعالى:قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:قال قائل من إخوة يوسف:(لا تقتلوا يوسف) .
* * *
وقيل:إن قائل ذلك "روبيل "، كان ابن خالة يوسف.
*ذكر من قال ذلك:
18799- حدثنا بشر ، قال، حدثنا يزيد ، قال:حدثنا سعيد ، عن قتادة:(لا تقتلوا يوسف) ذكر لنا أنه روبيل، كان أكبر القوم ، وهو ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قتله.
18800- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق:(اقتلوا يوسف) ، إلى قوله:(إن كنتم فاعلين) ، قال:ذكر لي، والله أعلم، أن الذي قال ذلك منهم "روبيل "، الأكبر من بني يعقوب ، وكان أقصدهم فيه رأيًا.
18801- حدثنا الحسن قال، أخبرنا عبد الرزاق ، قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة ، قوله:(لا تقتلوا يوسف) قال:كان أكبر إخوته ، وكان ابن خالة يوسف ، فنهاهم عن قَتْله .
* * *
وقيل:كان قائل ذلك منهم "شمعون ". (17)
*ذكر من قال ذلك:
18802- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله:(قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف) قال:هو شمعون.
* * *
وقوله:(وألقوه في غيابة الجب) يقول وألقوه في قَعْرِ الجبّ، حيث يَغيبُ خبره .
* * *
واختلفت القراء في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قراء أهل المدينة:"غيَابَاتِ الجُبِّ"على الجماع .
* * *
وقرأ ذلك عامة قراء سائر الأمصار:(غَيابَةِ الجُبِّ) بتوحيد "الغيابة ".
* * *
قال أبو جعفر:وقراءة ذلك بالتوحيد أحبُّ إليّ .
* * *
و "الجبّ":بئر .
* * *
وقيل:إنه اسم بئر ببيت المقدس .
*ذكر من قال ذلك:
18803- حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة:في:( غيابة الجب) ، يقول:بئر ببيت المقدس.
18804- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق ، قال:أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله:(غيابة الجب) قال:بئر ببيت المقدس.
* * *
والغيابة:كل شيء غيب شيئًا فهو "غيابة "،و "الجب "، البئر غير المطويَّة .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
18805- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر ، عن قتادة في:( غيابة الجب) ، في بعض نواحيها:في أسفلها.
18806- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله:(وألقوه في غيابة الجب) ، يقول:في بعض نواحيها.
18807 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله (18)
18807- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:(وألقوه في غيابة الجب) قال:قالها كبيرهم الذي تخلَّف . قال:و "الجب "، بئر بالشأم.
18809- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي ، قال:حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس:( وألقوه في غيابة الجب) يعني:الركيَّة.
18810- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ ، قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول:"الجبّ":البئر.
* * *
وقوله:(يلتقطه بعض السيارة) يقول:يأخذه بعض مارّة الطريق من المسافرين (19)، (إن كنتم فاعلين) ، يقول:إن كنتم فاعلين ما أقول لكم . فذكر أنه التقطه بعض الأعراب .
18811- حدثنا القاسم ، قال، حدثنا الحسين ، قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس:(يلتقطه بعض السيارة) ، قال:التقطه ناس من الأعراب.
* * *
وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ:"تَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ"بالتاء .
18812- حدثني بذلك أحمد بن يوسف قال حدثنا القاسم ، قال، حدثني حجاج ، عن هارون ، عن مطر الورّاق ، عن الحسن .
* * *
وكانّ الحسن ذهب في تأنيثه "بعض السيارة "إلى أنَّ فعلَ بعضها فعلُها.
والعرب تفعل ذلك في خبر كان عن مُضافٍ إلى مؤنث، (20) يكون الخبرُ عن بعضه خبرًا عن جميعه ، وذلك كقول الشاعر:(21)
أرَى مَــرَّ السِّــنِينَ أخَــذْنَ مِنِّـي
كَمَــا أخَـذَ السِّـرَارُ مِـنَ الهِـلالِ (22)
فقال:"أخذن مني"، وقد ابتدأ الخبر عن "المرّ"، إذ كان الخبر عن "المرّ"، خبرًا عن "السنين "، وكما قال الآخر:(23)
إذَا مَــاتَ مِنْهُــمْ سَـيِّدٌ قَـامَ سَـيِّدٌ
فَـدَانَتْ لَـهُ أهْـلُ القُـرَى والكَنـائِسِ (24)
فقال:"دانت له "، والخبر عن أهل القرى ، لأن الخبر عنهم كالخبر عن القرى . ومن قال ذلك لم يقل:"فدانت له غلام هند "، لأن "الغلام "لو ألقي من الكلام لم تدلَّ"هند "عليه ، كما يدل الخبر عن "القرية "على أهلها .
وذلك أنه لو قيل ":فدانت له القرى "، كان معلومًا أنه خبر عن أهلها. وكذلك "بعض السيارة "، لو ألقي البعض ، فقيل:تلتقطه السيارة ، علم أنه خبر عن البعض أو الكل ، ودلّ عليه الخبر عن "السيارة ".
* * *
----------------------
الهوامش:
(17) سيأتي في الأثر رقم:18831 ، اسم آخر ، وأنه هو قائل ذاك ، وهو:"يهوذا".
(18) الأثر:18807 -"الحسن بن محمد"، هو"الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني"، شيخ الطبري . مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 36 . و"عبد الوهاب"، هو"عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي"، مضى مرارًا .
(19) انظر تفسير"السيارة"فيما سلف 11:71 - 73 .
(20) في المطبوعة:"عن المضاف إلى مؤنث"، فأساء بفعله غاية الإساءة .
(21) هو جرير .
(22) سلف البيت وتخريجه وشرحه 11:86 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة هنا"أرى"، والرواية هناك ، وفي ديوانه"رأت".
(23) لم أعرف قائله .
(24) معاني القرآن للفراء في تفسير الآية .