يقول تعالى ذكره:واذكر يا محمد ذا النون ، يعني صاحب النون، والنون:الحوت، وإنما عنى بذي النون، يونس بن متى ، وقد ذكرنا قصته في سورة يونس بما أغنى عن ذكره في هذا الموضع ، وقوله ( إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) يقول:حين ذهب مغاضبا.
واختلف أهل التأويل في معنى ذهابه مغاضبا ، وعمن كان ذهابه ، وعلى من كان غضبه ، فقال بعضهم:كان ذهابه عن قومه وإياهم غاضب.
*ذكر من قال ذلك:حدثني محمد بن سعد ، قال:ثني أبي ، قال:ثني عمي ، قال:ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) يقول:غضب على قومه.
حُدثت عن الحسين ، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد ، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله ( إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) أما غضبه فكان على قومه.
وقال آخرون:ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، إذ كشف عنهم العذاب بعدما وعدهموه.
*ذكر من قال ذلك:وذكر سبب مغاضبته ربه في قولهم:
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال:بعثه الله ، يعني يونس إلى أهل قريته ، فردّوا عليه ما جاءهم به وامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه:إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا ، فاخرج من بين أظهرهم، فأعلم قومه الذي وعده الله من عذابه إياهم ، فقالوا:ارمقوه ، فإن خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم، فلما كانت الليلة التي وُعدوا بالعذاب في صبحها أدلج ورآه القوم ، فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم ، وفرّقوا بين كل دابة وولدها ، ثم عجوا إلى الله ، فاستقالوه ، فأقالهم ، وتنظّر يونس الخبر عن القرية وأهلها ، حتى مر به مار ، فقال:ما فعل أهل القرية؟ فقال:فعلوا أن نبيهم خرج من بين أظهرهم ، عرفوا أنه صدقهم ما وعدهم من العذاب ، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض ، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ، وعجُّوا إلى الله وتابوا إليه، فقبل منهم ، وأخَّر عنهم العذاب، قال:فقال يونس عند ذلك وغضب:والله لا أرجع إليهم كذّابا أبدا ، وعدتهم العذاب في يوم ثم رُدّ عنهم، ومضى على وجهه مغاضبا.
حدثنا ابن بشار ، قال:ثنا محمد بن جعفر ، قال:ثنا عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن ، قال:بلغني أن يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزله الشيطان ،
حدثنا القاسم ، قال:ثنا الحسين ، قال:ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن مجالد بن سعيد ، عن الشعبي ، في قوله ( إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا ) قال:مغاضبا لربه.
حدثنا الحارث ، قال:ثنا عبد العزيز ، قال:ثنا سفيان ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن سعيد بن جبير، فذكر نحو حديث ابن حميد ، عن سلمة ، وزاد فيه:قال:فخرج يونس ينظر العذاب ، فلم ير شيئا ، قال:جرّبوا عليّ كذبا، فذهب مغاضبا لربه حتى أتى البحر.
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، قال:ثنا محمد بن إسحاق ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن وهب بن منبه اليماني ، قال:سمعته يقول:إن يونس بن متى كان عبدا صالحا ، وكان في خلقه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوّة ، ولها أثقال لا يحملها إلا قليل ، تفسخ تحتها تفسخ الربع (9) تحت الحمل ، فقذفها بين يديه ، وخرج هاربا منها ، يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلمفَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ:أي لا تلق أمري كما ألقاه، وهذا القول ، أعني قول من قال:ذهب عن قومه مغاضبا لربه ، أشبه بتأويل الآية ، وذلك لدلالة قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) على ذلك، على أن الذين وجهوا تأويل ذلك إلى أنه ذهب مغاضبا لقومه ، إنما زعموا أنهم فعلوا ذلك استنكارا منهم أن يغاضب نبيّ من الأنبياء ربه، واستعظاما له، وهم بقيلهم أنه ذهب مغاضبا لقومه قد دخلوا في أمر أعظم ما أنكروا ، وذلك أن الذين قالوا:ذهب مغاضبا لربه اختلفوا في سبب ذهابه كذلك ، فقال بعضهم:إنما فعل ما فعل من ذلك كراهة أن يكون بين قوم قد جربوا عليه الخلف فيما وعدهم ، واستحيا منهم ، ولم يعلم السبب الذي دفع به عنهم البلاء، وقال بعض من قال هذا القول:كان من أخلاق قومه الذين فارقهم قتل من جرّبوا عليه الكذب ، عسى أن يقتلوه من أجل أنه وعدهم العذاب ، فلم ينـزل بهم ما وعدهم من ذلك ، وقد ذكرنا الرواية بذلك في سوره يونس ، فكرهنا إعادته في هذا الموضع.
وقال آخرون:بل إنما غاضب ربه من أجل أنه أمر بالمصير إلى قوم لينذرهم بأسه ، ويدعوهم إليه ، فسأل ربه أن ينظره، ليتأهب للشخوص إليهم ، فقيل له:الأمر أسرع من ذلك ، ولم ينظر حتى شاء أن ينظر إلى أن يأخذ نعلا ليلبسها ، فقيل له نحو القول الأول ، وكان رجلا في خلقه ضيق ، فقال:أعجلني ربي أن آخذ نعلا فذهب مغاضبا.
*وممن ذُكر هذا القول عنه:الحسن البصري، حدثني بذلك الحارث ، قال:ثنا الحسن بن موسى ، عن أبي هلال ، عن شهر بن حوشب ، عنه.
قال أبو جعفر:وليس في واحد من هذين القولين من وصف نبيّ الله يونس صلوات الله عليه شيء إلا وهو دون ما وصفه بما وصفه الذين قالوا:ذهب مغاضبا لقومه ، لأن ذهابه عن قومه مغاضبا لهم ، وقد أمره الله تعالى بالمقام بين أظهرهم ، ليبلغهم رسالته ، ويحذّرهم بأسه ، وعقوبته على تركهم الإيمان به ، والعمل بطاعتك لا شك أن فيه ما فيه ، ولولا أنه قد كان صلى الله عليه وسلم أتى ما قاله الذين وصفوه بإتيان الخطيئة ، لم يكن الله تعالى ذكره ليعاقبه العقوبة التي ذكرها في كتابه ، ويصفه بالصفة التي وصفه بها ، فيقول لنبيه صلى الله عليه وسلموَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌوَيَقُولُفَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
وقوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم:معناه:فظنّ أن لن نعاقبه بالتضييق عليه من قولهم قدرت على فلان:إذا ضيقت عليه ، كما قال الله جلّ ثناؤهوَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ.
*ذكر من قال ذلك:حدثني علي ، قال:ثنا عبد الله بن صالح ، قال:ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يقول:ظنّ أن لن يأخذه العذاب الذي أصابه.
حدثني محمد بن سعد ، قال:ثني أبي ، قال:ثني عمي ، قال:ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يقول:ظنّ أن لن نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه إذ غضب عليهم ، وفراره وعقوبته أخذ النون إياه.
حدثنا محمد بن المثنى ، قال:ثنا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، أنه قال في هذه الآية ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال:فظنّ أن لن نعاقبه بذنبه.
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي ، قال:ثنا زيد بن حباب ، قال:ثني شعبة ، عن مجاهد ، ولم يذكر فيه الحكم.
حدثنا بشر ، قال:ثنا يزيد ، قال:ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال:يقول:ظنّ أن لن نعاقبه.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال:ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة والكلبي ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قالا ظنّ أن لن نقضي عليه العقوبة.
حُدثت عن الحسين ، قال:سمعت أبا معاذ يقول:ثنا عبيد ، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ ) يقول:ظنّ أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه ، وفراقه إياهم.
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا جرير ، عن منصور ، عن ابن عباس ، في قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال:البلاء الذي أصابه.
وقال آخرون:بل معنى ذلك:فظن أنه يعجز ربه فلا يقدر عليه.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار ، قال:ثنا محمد بن جعفر ، قال:ثنا عوف ، عن سعيد بن أبي الحسن ، قال:بلغني أن يونس لما أصاب الذنب ، انطلق مغاضبا لربه ، واستزلَّه الشيطان ، حتى ظن أن لن نقدر عليه ، قال:وكان له سلف وعبادة وتسبيح ، فأبى الله أن يدعه للشيطان ، فأخذه فقذفه في بطن الحوت ، فمكث في بطن الحوت أربعين من بين ليلة ويوم ، فأمسك الله نفسه فلم يقتله هناك ، فتاب إلى ربه في بطن الحوت ، وراجع نفسه ، قال:فقال ( سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) قال:فاستخرجه الله من بطن الحوت برحمته ، بما كان سلف من العبادة والتسبيح ، فجعله من الصالحين ، قال عوف:وبلغني أنه قال في دعائه:وبنيت لك مسجدا في مكان لم يبنه أحد قبلي.
حدثنا ابن بشار ، قال:ثنا هوذة ، قال:ثنا عوف ، عن الحسن ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) وكان له سلف من عبادة وتسبيح ، فتداركه الله بها فلم يدعه للشيطان.
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن إياس بن معاوية المدني ، أنه كان إذا ذكر عنده يونس ، وقوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) يقول إياس:فلِم فرّ؟
وقال آخرون:بل ذلك بمعنى الاستفهام ، وإنما تأويله:أفظنّ أن لن نقدر عليه؟
ذكر من قال ذلك:حدثني يونس ، قال:أخبرنا ابن وهب ، قال:قال ابن زيد ، في قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) قال:هذا استفهام ، وفي قوله فَمَا تُغْنِ النُّذُرُقال:استفهام أيضا.
قال أبو جعفر:وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب ، قول من قال:عَنَى به:فظنّ يونس أن لن نحبسه ونضيق عليه ، عقوبة له على مغاضبته ربه.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الكلمة ، لأنه لا يجوز أن ينسب إلى الكفر وقد اختاره لنبوته ، ووصفه بأن ظنّ أن ربه يعجز عما أراد به ولا يقدر عليه ، ووصف له بأنه جهل قدرة الله ، وذلك وصف له بالكفر ، وغير جائز لأحد وصفه بذلك، وأما ما قاله ابن زيد ، فإنه قول لو كان في الكلام دليل على أنه استفهام حسن ، ولكنه لا دلالة فيه على أن ذلك كذلك، والعرب لا تحذف من الكلام شيئا لهم إليه حاجة إلا وقد أبقت دليلا على أنه مراد في الكلام ، فإذا لم يكن في قوله ( فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ) دلالة على أن المراد به الاستفهام كما قال ابن زيد ، كان معلوما أنه ليس به وإذا فسد هذان الوجهان ، صح الثالث وهو ما قلنا.
وقوله ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) اختلف أهل التأويل في المعنيّ بهذه الظلمات ، فقال بعضهم:عني بها ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا القاسم ، قال:ثنا الحسين ، قال:ثني حجاج ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل ، وكذلك قال أيضا ابن جريج.
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال:نادى في الظلمات:ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت ( لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) .
حدثني محمد بن إبراهيم السلمي ، قال:ثنا أبو عاصم ، قال:أخبرنا محمد بن رفاعة ، قال:سمعت محمد بن كعب يقول في هذه الآية ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت.
حدثنا بشر ، قال:ثنا يزيد ، قال:ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال:ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:ظلمة بطن الحوت ، وظلمة البحر ، وظلمة الليل.
وقال آخرون:إنما عنى بذلك أنه نادى في ظلمة جوف حوت في جوف حوت آخر في البحر ، قالوا:فذلك هو الظلمات.
*ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن بشار ، قال:ثنا عبد الرحمن ، قال:ثنا سفيان ، عن منصور ، عن سالم بن أبي الجعد ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:أوحى الله إلى الحوت أن لا تضرّ له لحما ولا عظما ، ثم ابتلع الحوت حوت آخر ، قال ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ ) قال:ظلمة الحوت ، ثم حوت ، ثم ظلمة البحر.
قال أبو جعفر:والصواب من القول في ذلك أن يقال:إن الله أخبر عن يونس أنه ناداه في الظلمات ( أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ولا شك أنه قد عنى بإحدى الظلمات:بطن الحوت ، وبالأخرى:ظلمة البحر ، وفي الثالثة اختلاف ، وجائز أن تكون تلك الثالثة:ظلمة الليل ، وجائز أن تكون كون الحوت في جوف حوت آخر ، ولا دليل يدلّ على أيّ ذلك من أيّ ، فلا قول في ذلك أولى بالحقّ من التسليم لظاهر التنـزيل.
وقوله ( لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ) يقول:نادى يونس بهذا القول معترفا بذنبه تائبا من خطيئته ( إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) في معصيتي إياك .
كما حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن يزيد بن زياد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) معترفا بذنبه ، تائبا من خطيئته.
حدثنا القاسم ، قال:ثنا الحسين ، قال:ثني حجاج ، قال ، أبو معشر:قال محمد بن قيس:قوله ( لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ) ما صنعتُ من شيء فلم أعبد غيرك ، (إني كنت من الظالمين ) حين عصيتك.
حدثنا القاسم ، قال:ثنا الحسين ، قال:ثنا جعفر بن سليمان ، عن عوف الأعرابي ، قال:لما صار يونس في بطن الحوت ظن أنه قد مات ، ثم حرّك رجله ، فلما تحركت سجد مكانه ، ثم نادى:يا ربّ اتخذت لك مسجدا في موضع ما اتخذه أحد.
حدثنا ابن حميد ، قال:ثنا سلمة ، قال:ثني ابن إسحاق عمن حدثه ، عن عبد الله بن رافع ، مولى أم سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال:سمعت أبا هريرة يقول:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لَمَّا أَرَادَ اللهُ حَبْسَ يُونُسَ فِي بَطْنِ الحُوتِ ، أَوْحَى اللهُ إِلَى الحُوتِ:أَنْ خُذْهُ وَلا تَخْدِشْ لَهُ لَحْما وَلا تَكْسِرْ عَظْما، فَأَخَذهُ ، ثُمّ هَوَى بِهِ إلى مسْكَنِهِ مِنَ البَحْرِ ، فَلَمَّا انْتَهَى بِهِ إلى أَسْفَلِ البَحْرِ ، سَمِعَ يُونُسُ حِسًّا ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ:مَا هَذَا؟ قالَ:فَأَوْحَى اللهُ إِليْهِ وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ:إِنَّ هَذَا تَسْبِيحُ دَوَابِّ البَحْرِ ، قَالَ:فَسَبَّحَ وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ ، فَسَمِعَتِ المَلائِكَةُ تَسْبِيحَهُ ، فَقَالُوا:يَا ربَنّا إِنَّا نَسْمَعُ صَوْتا ضَعِيفا بِأَرْضِ غَرِيبَهٍ؟ قَالَ:ذَاكَ عَبْدِي يُونُسُ ، عَصَانِي فَحَبَسْتُه فِي بَطْنِ الحُوتِ فِي البَحْرِ ، قَالُوا:العَبْد الصَالِحُ الَّذِي كانَ يَصْعَدُ إِلَيْكَ مِنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَمَلٌ صَالِحٌ؟ قَالَ:نَعَم ْ، قَالَ:فَشَفَعُوا لَهُ عِنْدَ ذَلكَ ، فَأَمَرَ الحُوتَ فَقَذَفَه فِي السَّاحِلِ ، كما قالَ اللهُ تَبَارَك َ وَتَعالى:وَهُوَ سَقِيمٌ".
-------------------------------
الهوامش:
(9) الربع:ولد الناقة أول ما يحمل عليه .