يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مُعْلِمَه عظيم ما ركب من قومه قريش خاصة دون غيرهم من سائر خلقه بعبادتهم في حرمه، والبيت الذي أمر إبراهيم خليله صلى الله عليه وسلم ببنائه وتطهيره من الآفات والرِّيَب والشرك:واذكر يا محمد كيف ابتدأنا هذا البيت الذي يعبد قومك فيه غيري، إذ بوأنا لخليلنا إبراهيم، يعني بقوله:بوأنا:وطأنا له مكان البيت.
كما حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا محمد بن ثور عن معمر، عن قتادة، قوله:( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) قال:وضع الله البيت مع آدم صلى الله عليه وسلم حين أهبط آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا، وإن آدم لمَّا فَقَد أصوات الملائكة وتسبيحهم، شكا ذلك إلى الله، فقال الله:يا آدم إني قد أهبطت لك بيتا يُطاف به كما يطاف حول عرشي، ويُصلَّى عنده كما يصلى حول عرشي، فانطلق إليه! فخرج إليه، ومدّ له في خطوه، فكان بين كل خطوتين مفازة، فلم تزل تلك المفاوز على ذلك حتى أتى آدم البيت، فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
حدثني موسى، قال:ثنا عمرو، قال:ثنا أسباط، عن السديّ، قال:لما عهد الله إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين، انطلق إبراهيم حتى أتى مكة، فقام هو وإسماعيل، وأخذا المعاول، لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخَجُوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكنست لها ما حول الكعبة عن أساس البيت الأوّل، واتبعاها بالمعاول يحفران، حتى وضعا الأساس، فذلك حين يقول:( وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ ) .
ويعني بالبيت:الكعبة، ( أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا ) في عبادتك إياي ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ) الذي بنيته من عبادة الأوثان.
كما حدثنا ابن وكيع، قال:ثنا أبي عن سفيان عن ليث، عن مجاهد، في قوله:( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ) قال:من الشرك.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، قال:من الآفات والريب.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة:طَهِّرَا بَيْتِيَقال:من الشرك وعبادة الأوثان.
وقوله:( لِلطَّائِفِينَ ) يعني للطائفين ، والقائمين بمعنى المصلين الذين هم قيام في صلاتهم.
كما حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثنا أبو تُمَيلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن عطاء في قوله ( وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ ) قال:القائمون في الصلاة.
حدثنا الحسن، قال:أخبرنا عبد الرزاق، قال:أخبرنا معمر، عن قَتادة:( وَالْقَائِمِينَ ) قال:القائمون المصلون.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قَتادة، مثله.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله:( وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) قال:القائم والراكع والساجد هو المصلي، والطائف هو الذي يطوف به. وقوله:( وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) يقول:والركع السجود في صلاتهم حول البيت.