وقوله:( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) يقول:تَسْفَع وُجوهَهم النارُ.
كما حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:قال ابن عباس:( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) قال:تنفح ( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) والكلوح:أن تتقلص الشفتان عن الأسنان، حتى تبدو الأسنان، كما قال الأعشى:
وَلَـــهُ المُقْـــدَمُ لا مِثْــلَ لَــه
ســاعة الشِّـدْق عَـنِ النَّـابِ كَـلَحْ (2)
فتأويل الكلام:يَسْفَع وجوههم لهبُ النار فتحْرقها، وهم فيها متقلصو الشفاه عن الأسنان؛ من إحراق النار وجوههم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثني عبد الله، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله:( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) يقول:عابسون.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، في قوله:( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) قال:ألم تر إلى الرأس المشيط قد بدت أسنانه، وقَلَصت شفتاه .
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله، قرأ هذه الآية ( تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ). .. الآية، قال:ألم تر إلى الرأس المشيط بالنار، وقد قلصت شفتاه وبدت أسنانه .
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد في قوله:( وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) قال:ألم تر إلى الغنم إذا مست النار وجوهها كيف هي؟ .
------------------------
الهوامش:
(2) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه ص 241 بشرح الدكتور محمد حسين ، طبع القاهرة ) . والرماية فيه في الحرب "إذا "في موضع "لا مثل له ". والمقدم بضم الميم مصدر بمعنى الإقدام . وكلح = الشدق:كشر عن الأنياب في عبوس .
يمدح إياس بن قبيصة الطائي ، بأن من صفاته الإقدام في الحرب حين تكره الأبطال النزال ، وتكشر أشداقهم عن أنيابهم ، كرها للحرب ، واستشهد به المؤلف هنا على أن معنى الكلوح تقلص الشفتين عن الأسنان حتى تبدو الأسنان