وقوله:(فَلَمَّا جَاءَهَا ) يقول:فلما جاء موسى النار التي آنسها(نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ).
كما حدثنا عليّ, قال:ثنا عبد الله, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, قوله:(نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) يقول:قدّس.
واختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله (مَنْ فِي النَّارِ ) فقال بعضهم:عنى جلّ جلاله بذلك نفسه, وهو الذي كان في النار, وكانت النار نوره تعالى ذكره في قول جماعة من أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله:(فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) يعني نفسه; قال:كان نور ربّ العالمين في الشجرة.
حدثني إسماعيل بن الهيثم أبو العالية العبدي, قال:ثنا أبو قُتَيبة, عن ورقاء, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جُبير, في قول الله:(بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال:ناداه وهو في النار.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن الحسن في قوله:(نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال:هو النور.
قال معمر:قال قَتادة:(بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال:نور الله بورك.
قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال:قال الحسن البصري:(بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) (2) .
وقال آخرون:بل معنى ذلك:بوركت النار.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني الحارث, قال:ثنا الأشيب, قال:ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد:(نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) بوركت النار. كذلك قاله ابن عباس.
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله:(أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال:بوركت النار.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال:قال مجاهد:(بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) قال:بوركت النار.
حدثنا محمد بن سنان القزاز قال:ثنا مكي بن إبراهيم, قال:ثنا موسى, عن محمد بن كعب, في قوله:(أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ ) نور الرحمن, والنور هو الله (وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).
واختلف أهل التأويل في معنى النار في هذا الموضع, فقال بعضهم:معناه:النور، كما ذكرت عمن ذكرت ذلك عنه.
وقال آخرون:معناه النار لا النور.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن سعيد بن جبير, أنه قال:حجاب العزّة, وحجاب المَلِكَ, وحجاب السلطان, وحجاب النار, وهي تلك النار التي نودي منها. قال:وحجاب النور, وحجاب الغمام, وحجاب الماء, وإنما قيل:بورك من في النار, ولم يقل:بورك فيمن في النار على لغة الذين يقولون:باركك الله. والعرب تقول:باركك الله, وبارك فيك.
وقوله:(وَمَنْ حَوْلَهَا ) يقول:ومن حول النار. وقيل:عَنى بمن حولها:الملائكة.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:(وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال:يعني الملائكة.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن الحسن, مثله.
وقال آخرون:هو موسى والملائكة.
حدثنا محمد بن سنان القزّاز, قال:ثنا مكي بن إبراهيم, قال:ثنا موسى, عن محمد بن كعب (وَمَنْ حَوْلَهَا ) قال:موسى النبيّ والملائكة, ثم قال:يَا مُوسَى &; 19-430 &; إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
وقوله:(وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) يقول:وتنـزيها لله رب العالمين, مما يصفه به الظالمون.
------------------------
الهوامش:
(2) لعل المؤلف لم يجيء بمقول القول، اكتفاء بنص ما قبله، لموافقته إياه لفظًا ومعنى. وقد تكرر منه ذلك في مواضع.