( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا ) يقول:أحسن بيانا عما يريد أن يبينه ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا ) يقول:عونا( يُصَدِّقُنِي ):أي يبين لهم عني ما أخاطبهم به. كما حدثنا ابن حميد, قال:ثنا سلمة, عن ابن إسحاق ( وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ):أي يبين لهم عني ما أكلمهم به, فإنه يفهم ما لا يفهمون. وقيل:إنما سأل موسى ربه يؤيده بأخيه, لأن الاثنين إذا اجتمعا على الخير, كانت النفس إلى تصديقهما, أسكن منها إلى تصديق خبر الواحد.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال:أخبرنا ابن وهب, قال:قال ابن زيد, في قوله:( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) لأن الاثنين أحرى أن يصدّقا من واحد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال:ثنا أبو عاصم, قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال:ثنا الحسن, قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله:( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) قال عونا.
حدثنا القاسم, قال:ثنا الحسين, قال:ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
حدثنا بشر, قال:ثنا يزيد, قال:ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله:( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ):أي عونا.
وقال آخرون:معنى ذلك:كيما يصدقني.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال:ثنا عبد الله, قال:ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس ( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول:كي يصدّقني.
حدثنا موسى, قال:ثنا عمرو, قال:ثنا أسباط , عن السدي ( فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول:كيما يصدّقني.
حدثني محمد بن سعد, قال:ثني أبي, قال:ثني عمي, قال:ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس:( رِدْءًا يُصَدِّقُنِي ) يقول:كيما يصدّقني. والردء قي كلام العرب:هو العون, يقال منه:قد أردأت فلانا على أمره:أي أكفيته وأعنته.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله:( يُصَدِّقُنِي ) فقرأته عامة قراء الحجاز والبصرة:"رِدْءًا يُصَدِّقْنِي"بجزم يصدقني. وقرأ عاصم وحمزة:"يَصْدُقُنِي"برفعه, فمن رفعه جعله صلة للردء, بمعنى:فأرسله معي ردءًا من صفته يصدّقني; ومَن جزمه جعله جوابا لقوله:فأرسله, فإنك إذا أرسلته صدّقني على وجه الخبر. والرفع في ذلك أحبّ القراءتين إليّ, لأنه مسألة من موسى ربه أن يرسل أخاه عونا له بهذه الصفة.
وقوله:( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ) يقول:إني أخاف أن لا يصدقون على قولي لهم:إني أرسلت إليكم.