القول في تأويل قوله تعالى:إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)
يقول تعالى ذكره ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى ) من خلقنا( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ) في الدنيا من خير وشر، وصالح الأعمال وسيئها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ) من عمل .
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا ) قال:ما عملوا.
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( مَا قَدَّمُوا ) قال:أعمالهم.
وقوله ( وَآثَارَهُمْ ) يعني:وآثار خطاهم بأرجلهم، وذكر أن هذه الآية نـزلت في قوم أرادوا أن يقربوا من مسجد رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، ليقرب عليهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال:ثنا أبو أحمد الزبيري، قال:ثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:كانت منازل الأنصار متباعدة من المسجد، فأرادوا أن ينتقلوا إلى المسجد فنـزلت ( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) فقالوا:نثبت في مكاننا.
حدثنا ابن وكيع، قال:ثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد، فأرادوا أن ينتقلوا، قال:فنـزلت ( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) فثبتوا.
حدثنا ابن المثنى، قال:ثنا عبد الصمد، قال:ثنا شعبة، قال:ثنا الجريري، عن أبي نضرة، عن جابر، قال:أراد بنو سَلِمة قرب المسجد، قال:فقال لهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:"يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ إنَّها تُكْتَبُ آثَارُكُمْ".
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال:ثنا معتمر، قال:سمعت كهمسا يحدث، عن أبي نضرة، عن جابر، قال:أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد، قال:والبقاع خالية، فبلغ ذلك النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال:"يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ إنَّها تُكْتَبُ آثَارُكُمْ "قال:فأقاموا وقالوا:ما يسرنا أنا كنا تحولنا .
حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الرقي، قال:ثنا ابن المبارك، عن سفيان، عن طريف، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال:شكت بنو سَلِمة بُعد منازلهم إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فنـزلت ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) فقال:"عَلَيكُمْ مَنَازِلَكُم تُكْتَبُ آثارُكم ".
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا أبو نُمَيلة، قال:ثنا الحسين، عن ثابت، قال:مشيت مع أنس، فأسرعت المشي، فأخذ بيدي، فمشينا رُويدا، فلما قضينا الصلاة قال أنس:مشيت مع زيد بن ثابت، فأسرعت المشي، فقال:يا أنس أما شعرت أن الآثار تكتب ؟ .
حدثني يعقوب، قال:ثنا ابن عُلَية، عن يونس، عن الحسن أن بني سَلِمة كانت دورهم قاصية عن المسجد، فهموا أن يتحولوا قرب المسجد، فيشهدون الصلاة مع النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فقال لهم النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:"ألا تَحْتَسِبون آثارَكم يا بني سَلِمة؟"فمكثوا في ديارهم .
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم ابن أبي بَزَّة، عن مجاهد، في قوله ( مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) قال:خطاهم بأرجلهم .
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَآثَارَهُمْ ) قال:خطاهم .
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( وَآثَارَهُمْ ) قال:قال الحسن:وآثارهم قال:خطاهم. وقال قتادة:لو كان مُغْفِلا شيئًا من شأنك يا ابن آدم أغفل ما تعفي الرياح من هذه الآثار .
وقوله ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) يقول تعالى ذكره:وكل شيء كان أو هو كائن أحصيناه، فأثبتناه في أم الكتاب، وهو الإمام المبين. وقيل ( مُبِينٌ ) لأنه يبين عن حقيقة جميع ما أثبت فيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا عبد الرحمن، قال:ثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) قال:في أم الكتاب .
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) كل شيء محصًى عند الله في كتاب .
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) قال:أم الكتاب التي عند الله فيها الأشياء كلها هي الإمام المبين .