وقوله ( فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) يقول:فقذفناه بالفضاء من الأرض، حيث لا يواريه شيء من شجر ولا غيره; ومنه قول الشاعر:
ورَفَعْـتُ رِجْـلا لا أخـافُ عِثارَهـا
وَنَبَــذْتُ بــالبَلدِ العَــرَاءِ ثِيـابِي (7)
يعني بالبلد:الفضاء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثني أبو صالح، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) يقول:ألقيناه بالساحل.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ ) بأرض ليس فيها شيء ولا نبات.
حدثنا محمد بن الحسين، قال:ثنا أحمد بن المفضل، قال:ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( بِالْعَرَاءِ ) قال:بالأرض. وقوله ( وَهُوَ سَقِيمٌ ) يقول:وهو كالصبي المنفوس:لحم نِيء.
كما حدثنا محمد بن الحسين، قال:ثنا أحمد، قال:ثنا أسباط، عن السديّ( وَهُوَ سَقِيمٌ ) كهيئة الصبيّ.
حدثنا ابن حميد، قال:ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن يزيد بن زياد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال:خرج به، يعني الحوت، حتى لفظه في ساحل البحر، فطرحه مثل الصبيّ المنفوس، لم ينقص من خلقه شيء.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد:ما لَفَظَه الحوت حتى صار مثل الصبيّ المنفوس، قد نشر اللحم والعظم، فصار مثل الصبيّ المنفوس، فألقاه في موضع، وأنبت الله عليه شجرة من يقطين.
------------------------
الهوامش:
(7) البيت من شواهد أبي عبيدة في"مجاز القرآن ، الورقة 211 - ب) . قال في قوله تعالى:"فنبذناه بالعراء":تقول العرب:"نبذته بالعراء":أي الأرض الفضاء . قال الخزاعي:"ورفعت رجلا ... إلخ البيت". العراء:لا شيء يواريه من شجر ولا من غيره اهـ . ، أنشده صاحب (اللسان:عرا) ولم ينسبه . قال:وقال أبو عبيده إنما قيل له عراء ، لأنه لا شجر فيه، ولا شيء يغطيه . وقيل:عن العراء وجه الأرض الخالي وأنشد:"ورفعته رجلا ... البيت". ونقل بعد ذلك كلام الزجاج في معنى العراء ، فراجعه ثمة .