القول في تأويل قوله تعالى:&; 21-31 &;قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)
يقول تعالى ذكره:قالت الإنس للجن:إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قِبَل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين:القوة والقدرة في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:
إذَا مــا رَايــةٌ رُفِعــتْ لمَجْــدٍ
تَلقَّاهــــا عَرَابـــةٌ بـــالْيَمِين (1)
يعني:بالقوة والقدرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال:ثنا أبو عاصم، قال:ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال:ثنا الحسن، قال:ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال:عن الحق، الكفار تقوله للشياطين.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة ( قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال:قالت الإنس للجن:إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال:من قبل الخير، فتنهوننا عنه، وتبطِّئوننا عنه.
حدثنا محمد بن الحسين، قال:ثنا أحمد بن المفضل، قال:ثنا أسباط، عن السدي، في قوله ( إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال:تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل، وتصدوننا عن الحق.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد في قوله ( إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ ) قال:قال بنو آدم للشياطين الذين كفروا:إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين، قال:تحولون بيننا وبين الخير، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان، والعمل بالخير الذي أمر الله به.
------------------------
الهوامش:
(1) هذا البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة الورقة 272 ) قال في قوله تعالى:"كنتم تأتوننا عن اليمين":يقول:كنتم تأتوننا من قبل الدين، أي تأتوننا تخدعوننا بأقوى الوجوه، واليمين أي بالقوة والقدرة قلت:والبيت للشماخ يمدح عرابة الأوسي، وقبله رأيــتُ عرابــةَ الأوْسـيَّ يسُـمو
إلــى الخــيراتِ منقطـعَ القـرينِ
انظر ( اللسان:يمن ) . وفسره كما فسره الفرّاء، وعرابة الأوسي:هو ابن أوس بن قيظي قيل:هو الذي قال لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:في غزوة الخندق:"إن بيوتنا عورة". قال السهيلي في"الروض الأنف 2:190":وكان عرابة الأوسي سيدا، ولا صحبة له، وذكرناه فيمن استصغر يوم أحد، وهو الذي يقول فيه الشماخ:"إذا ما راية رفعت لمجد .... البيت".